للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله قدمه" (١).

وقال ابن تيمية: "قد غلط في هذا الحديث المعطلة الذين أوَّلوا "قدمه" بنوع من الخلق كما قالوا: الذين تقدم في علمه أنهم أهل النار حتى قالوا في قوله: "رجله" كما يقال: رِجل من جرادٍ وغلطهم من وجوه:

فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "حتى يضع" ولم يقل حتى يلقى كما قال في قوله: "لا يزال يلقي فيها".

الثاني: أن قوله "قدمه" لا يفهم منه هذا لا حقيقة ولا مجازًا كما تدل عليه الإضافة.

الثالث: أن أولئك المؤخرين إن كانوا من أصاغر المعذبين فلا وجه لانزوائها وانكفائها بهم، فإن ذلك إنما يكون بأمر عظيم وإن كانوا من أكابر المجرمين فهم في الدرك الأسفل، وفي أول المعذبين لا في أواخرهم.

الرابع: إن قوله: "فينزوي بعضها إلى بعض" دليل على أنها تنضم على من فيها فتضيق بهم من غير أن يلقى فيها شيء.

الخامس: أن قوله: "لا يزال يلقي فيها وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع فيها قدمه" جعل الوضع الغاية التي إليها ينتهي الإلقاء ويكون عندها الانزواء فيقتضي ذلك أن تكون الغاية أعظم مما قبلها.

وليس في قول المعطلة معنى للفظ "قدمه" إلَّا وقد اشترك فيه الأول والآخر والأول أحق به من الآخر" (٢).

وبهذه النقول السلفية الصحيحة الصافية، المبنية على النصوص


(١) إبطال التأويلات لأبي يعلى (١/ ١٩٧، ٢٠٠) بتصرف يسير.
(٢) مختصر الفتاوى المصرية ص (٨٢٩).

<<  <   >  >>