للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عند شرحه للحديث السابق: "إتيان الله تعالى هنا: هو عبارة عن إقباله عليهم (١) وتكليمه إياهم" (٢).

وقال المازري في شرحه للحديث السابق: "الإتيان ههنا عبارة عن رؤيتهم الله تعالى، وقد جرت العادة في المحدثين أن من كان غائبًا عن غيره فلا يمكنه التوصل إلى رؤيته إلَّا بإتيان أو مجيء، فعبر بالإتيان ههنا والمجيء عن الرؤية على سبيل المجاز" (٣).

أما أهل السنة والجماعة فآمنوا بما جاء عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- في هاتين الصفتين من غير صرف لهما عن ظاهرهما ومن غير تشبيه لله سبحانه بخلقه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما كون إتيانه ومجيئه ونزوله ليس مثل إتيان المخلوق ومجيئه ونزوله فهذا أمر ضروري متفق عليه بين علماء السنة، ومن له عقل فإن الصفات والأفعال تتبعان الذات المتصفة الفاعلة، فإذا كانت ذاته مباينة لسائر الذوات ليست مثلها لزم ضرورة أن تكون صفاته مباينة لسائر الصفات ليست مثلها ونسبة صفاته إلى ذاته كنسبة صفة كل موصوف إلى ذاته، ولا ريب أنه العلي الأعلى العظيم فهو أعلى من كل شيء وأعظم من كل شيء فلا يكون نزوله وإتيانه بحيث تكون المخلوقات تحيط به أو تكون أعظم منه وأكبر هذا ممتنع" (٤).

وجعل القرطي والمازري إتيان الله تعالى عبارة عن التجلي أو الرؤية أو الإقبال والتكليم وأن هذا من التوسع والمجاز.


(١) أراد بالإقبال هنا ضد الإعراض لا من الإقبال الذي هو الإتيان.
(٢) المفهم (١/ ٤٤٦).
(٣) المعلم (١/ ٢٢٦).
(٤) الفتاوى (١٦/ ٤٢٢).

<<  <   >  >>