للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن منده في كتابه "التوحيد": "ذكر ما امتدح الله عز وجل من الرؤية والنظر إلى خلقه ودعا عباده الصالحين إلى مدحه لذلك" (١).

"فالله سبحانه وتعالى ينظر إلى ما يشاء ويعرض عما يشاء فلا ينظر إليه كما دلت النصوص عليه" (٢).

قال القرطبي في شرحه للحديث السابق: "نظر الله تعالى إلى عباده: رحمته لهم وعطفه عليهم وإحسانه إليهم وهذا النظر هو المنفي في هذا الحديث" (٣).

قلت: هذا من التأويل المذموم المخالف لمنهج السلف في إثبات هذه الصفة لله تعالى على حقيقتها كما جاءت بذلك النصوص على ما يليق بالله سبحانه وتعالى.

قال شارح الطحاوية: "النظر له عدة استعمالات بحسب صلاته وتعديه بنفسه، فإن عدي بنفسه، فمعناه التوقف والانتظار {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} (٤) وإن عدي بـ"في" فمعناه: التفكر والاعتبار، كقوله: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (٥) وإن عدي بـ"إلى" فمعناه: المعاينة بالإبصار كقوله تعالى: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} (٦) (٧) والأدلة التي استدل بها أهل السنة والجماعة على إثبات صفة "النظر" لله تعالى كلها من


= (١٦/ ٣٥٧).
(١) كتاب التوحيد لابن منده (٣/ ٥٦).
(٢) المرجع السابق (٣/ ٦٠، ٦٤).
(٣) المفهم (١/ ٣٠٤) وانظر: المفهم (٦/ ٥٣٨).
(٤) سورة الحديد، آية: ١٣.
(٥) سورة الأعراف، آية: ١٨٥.
(٦) سورة الأنعام، آية: ٩٩.
(٧) شرح الطحاوية (١/ ٢٠٩).

<<  <   >  >>