للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واختلف في خضر أهل العقول ... قيل نبي أو ولي أو رسول؟ (١)

وقد رجَّح القرطبي أن الخضر نبي، وليس برسول ولا ولي. فقال: "الخضر عليه السلام لم يتفق على أنه نبي، بل هو أمر مختلف فيه، هل هو نبي، أو ولي؟ فإن كان نبيًّا فليس برسول بالاتفاق، إذ لم يقل أحد: أن الخضر عليه السلام أُرسل إلى أمة" (٢).

وقال في إثبات نبوته بعد أن ذكر بعض كراماته: فيه دليل على كرامات الأولياء، وكذلك كل ما وصف عن أحوال الخضر في هذا الحديث، وكلها أمور خارقة للعادة، هذا إذا تنزلنا على أنه ولي لا نبي، وقد اختلف فيه أئمة أهل السنة، والظاهر من مساق قصته واستقراء أحواله مع قوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} (٣) أنه نبي يوحى إليه بالتكاليف والأحكام، كما أُوحي إلى الأنبياء غير أنه ليس برسول" (٤).

وأما المازري فقد ذكر الخلاف في هذه المسألة ولم يرجح حيث قال: اضطرب العلماء في الخضر، هل هو نبي أم لا؟ واحتج من قال بنبوته بقوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} فدلّ على أن الله عز وجل يوحي إليه بالأمر، وهذه النبوة. وينفصل الآخرون عن هذا بأنه يحتمل أن يكون نبي غيره، أمره بذلك عن الله تعالى، وقصارى ما في الآية أنه ما فعله عن أمره، ولكن إذا كان المراد عن أمر الله تعالى فمن المبلغ له؟ ليس في الآية تعيين فيه، وقد يحتج من قال بنبوته بكونه أعلم من موسى، ويبعد أن يكون الولي أعلم من النبي" (٥). وما


(١) أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ٣٢٢).
(٢) المفهم (٦/ ٢١٧).
(٣) سورة الكهف، الآية: ٨٢.
(٤) المفهم (٦/ ٢٠٩).
(٥) المعلم (٣/ ١٣٦).

<<  <   >  >>