للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاة والسلام" لكنه فُضل على جميعهم بالمعجزة العظمى الباقية ما بقيت الدنيا وهي: الكتاب العزيز الذي أعجزت السورة منه الجن والإنس أي تعجيز فإعجازه مشاهد بالعيان متجدد ما تعاقب الجديدان فمن ارتاب الآن في صدق قوله قيل له: فائت بسورة من مثله، ولما كانت هذه المعجزة قاطعة الظهور مستمرة مدى الدهور اشترك في معرفتها المتقدمون والمتأخرون واستوى في معرفة صدق محمد - صلى الله عليه وسلم -: السابقون واللاحقون فدخل العقلاء في دينه دخولًا متتابعًا وحقق الله تعالى له رجاءه فكان أكثر الأنبياء تابعًا" (١).

٢ - خاتم النبوة:

إن من دلائل النبوة الحسية الظاهرة التي أُيد بها - صلى الله عليه وسلم - ما جعل بين كتفيه من أصل خلقه من خاتم النبوة الظاهر لكل متأمل فقد جاء في حديث جابر بن سمرة- رضي الله عنه-: "رأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده" (٢).

قال القرطبي: خاتم النبوة من علاماته المعروفة في الكتب السابقة، وفي صدور علماء الملل السالفة، ولذا لما حصل عند سلمان الفارسي -رضي الله عنه- العلم بصفاته وأحواله وعلاماته وموضع مبعثه ودار هجرته، جد في الطلب، حتى ظفر بما طلب، ولما لقيه جعل يتأمل ظهره، فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يريد أن يقف على ما يعرفه من خاتم النبوة، فنزع رداءه من على ظهره، فلما رأى سلمان الخاتم، أكب عليه يقبله وهو


(١) المفهم (٦/ ٥٠).
(٢) رواه مسلم في كتاب الفضائل، باب إثبات خاتم النبوة وصفته، ومحله من جسده - صلى الله عليه وسلم - ح ٢٣٤٤ (١٥/ ١٠٦).

<<  <   >  >>