للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيمكن أن يكون كلما أكل منه جزء خلق الباري -جلت قدرته- جزءًا آخر يخلفه، وكذلك في الماء.

ومعجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - ضروب: فأما القرآن فمنقول تواترًا، أما مثل هذه المعجزة فلك فيها طريقان:

أحدهما: أن نقول تواترت على المعنى كتواتر جود حاتم، وحلم الأحنف، فإنه لا تنقل قصة بعينها في ذلك تواترًا ولكن تكاثرت القصص من جهة الآحاد حتى صار محصولها التواتر بالكرم والحلم، وكذلك تواترت معجزات سوى القرآن حتى ثبت انخراق العادة له - صلى الله عليه وسلم - بغير القرآن.

والطريق الثانية: أن نقول فإن الصاحب إذا روى مثل هذا الأمر العجيب وأحال على حضوره فيه مع سائر الصحابة وهم يسمعون روايته ودعواه حضورهم معه، ولا ينكرون ذلك عليه، فإن ذلك تصديق له يوجب العلم بصحة ما قال" (١).

وقد أشار أيضًا إلى هذه المعجزة، والتي قبلها عند شرحه لحديث أبي قتادة حيث توضأ - صلى الله عليه وسلم - في أحد الغزوات من ميضأة أبي قتادة، ثم أمره أن يحتفظ بها؛ وأخبره - صلى الله عليه وسلم - أنه سيكون لها نبأ، ثم طلبها منه - صلى الله عليه وسلم - لما عطش الناس، وفُقِدَ الماء، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصب وأبو قتادة يسقيهم حتى شربوا وتوضؤوا جميعًا (٢). حيث قال: "هذا فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - معجزتان: قولية وفعلية، فالقولية: إخباره عليه السلام بالغيب، وأنها سيكون لها نبأ، والفعلية: تكثير الماء القليل" (٣).


(١) المعلم (٢/ ٢٧١).
(٢) رواه مسلم في كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة ح ٦٨٠ (٥/ ١٨٨).
(٣) المعلم (١/ ٢٩٥).

<<  <   >  >>