للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١) قال القرطبي: "المراد: أن الله تعالى خلق الملائكة أصنافًا، فمنهم صنف جعل لكل واحد منهم جناحين ومنهم صنف جعل لكل واحد منهم ثلاثة، وصنف جعل لكل واحد منهم أربعة (٢).

وهم مع عظيم خلقهم لهم قدرة على التشكل بغير صورهم التي خلقهم الله عليها، كما أرسل تعالى جبريل - عليه السلام - إلى مريم في صورة بشر، قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} (٣).

وكما سبق في حديث جبريل عندما جاء إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان في حضور الصحابة، وكان على صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر.

وقد قال القرطبي عند شرحه لهذا الحديث: "قوله: "إنه جبريل" دليل على أن الله تعالى مكن الملائكة من أن يتمثلوا فيما شاؤوا من صور بني آدم، كما قد نصَّ الله تعالى على ذلك في قوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧)} وقد كان جبريل يتمثل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة دحية بن خليفة (٤) وقد كان لجبريل صورة خاصة خلق عليها لم يره النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها سوى مرتين" (٥).

وقال في موضع آخر: "إن الله تعالى قد مكن الملائكة والجن من التشكل في الصور المختلفة والتمثيل بها مع أن للنوعين في أنفسهما خِلَقًا


(١) سورة فاطر، الآية ١.
(٢) انظر: المفهم (٧/ ٣٢٧، ٣٢٨).
(٣) سورة مريم، الآية: ١٧.
(٤) مسند الإمام أحمد (٢/ ١٠٧، ٣/ ٣٣٤، ٦/ ٩٤).
(٥) المفهم (١/ ١٥٢).

<<  <   >  >>