للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يختلفوا في أبي بكر وعمر وفضلهما إنما كان الاختلاف في علي وعثمان" (١).

قال - ابن تيمية: "مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في عثمان وعلي - رضي الله عنهما - بعد اتفاقهم على تقدير أبي بكر وعمر أيهما أفضل؟ فقدم قوم عثمان: وسكتوا أو ربعوا بعلي وقدم قوم عليًّا وقوم توقفوا. لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي، وإن كانت هذه المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة" (٢).

وهذا هو القول الحق وهو الذي اختاره القرطبي - رحمه الله - ونصره حيث قال: "إذا قلنا إن أحدًا من الصحابة - رضي الله عنهم - فاضل فمعناه أن له منزلة شريفة عند الله تعالى، وهذا لا يتوصل إليه بالعقل قطعًا، فلابد أن يرجع ذلك إلى النقل، والنقل إنما يتلقى من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بشيء من ذلك تلقيناه بالقبول، فإن كان قطعيًا حصل لنا العلم بذلك، وإن لم يكن قطعيًا كان كسبيل المجتهدات على ما تقدم وعلى ما ذكرناه في الأصول، وإذا لم يكن لنا طريق إلى معرفة ذلك إلَّا بالخبر ... فالمقطوع بفضله وأفضليته بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند أهل السنة هو الذي يقطع به من الكتاب والسنة، أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق، ولم يختلف في ذلك أحد من أئمة السلف، ولا الخلف، ولا مبالاة بأقوال أهل التشيع، ولا أهل البدع، فإنهم بين مكفر تضرب رقبته،


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (٨/ ١٤٤٩)، وسير أعلام النبلاء (٥/ ٤٧٣).
(٢) العقيدة الواسطية لابن تيمية ضمن الفتاوى (٣/ ١٥٣)، وانظر: الاستيعاب لابن عبد البر (٣/ ٢١٤)، وفتح الباري لابن حجر - رَحِمَهُ الله - (٧/ ٣٤).

<<  <   >  >>