للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احترامهم وتحريم سبهم، ولا يختلف في أن من قال: إنهم كانوا على كفر أو ضلال كافر يُقتل؛ لأنه أنكر معلومًا ضرويًّا من الشرع فقد كذب الله ورسوله فيما أخبرا به عنهم، وكذلك الحكم فيمن كفر أحد الخلفاء الأربعة أو ضللهم وهل حكمه حكم المرتد فيستتاب؟ أو حكم الزنديق فلا يستتاب ويقتل على كل حال؟ هذا مما يختلف فيه، فأما من سبهم بغير ذلك، فإن كان سبًّا يوجب حدًّا كالقذف حُدَّ حدّه ثم ينكل التنكيل الشديد من الحبس والتخليد فيه، والإهانة ما خلا عائشة - رضي الله عنها - فإن قاذفها يقتل؛ لأنه مكذب لما جاء في الكتاب والسنة من براءتها، قاله مالك وغيره، واختلف في غيرها من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل: يُقتل قاذفها؛ لأن ذلك أذى للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل: يحدُّ وينكل كما ذكرناه على قولين، وأما من سبهم بغير القذف، فإنه يجلد الجلد الموجع وينكل التنكيل الشديد" (١).

وعامة من اشتهر بذلك من أهل البدع الروافض، الذين كفروا عامة الصحابة - رضي الله عنهم - ولم يستثنوا إلَّا نفرًا قليلًا منهم، قال القرطبي في الرد عليهم وبيان حكمهم: "فأما الروافض ففد كفروا الصحابة كلهم؛ لأنهم عندهم تركوا العمل بالحق الذي هو النص على عليٍّ - رضي الله عنه - واستخلفوا غيره بالاجتهاد، ومنهم من كقر عليًّا - رضي الله عنه -؛ لأنه لم يطلب حقه، وهؤلاء لا يشكّ في كفرهم؛ لأن من كفَّر الأمة كلها، والصدر الأول، فقد أبطل نقل الشريعة، وهدم الإسلام، وأما غيرهم من الفرق، فلم يرتكب أحد منهم هذه المقالة الشنعاء القبيحة القصعاء، ومن ارتكبها منهم ألحقناه بمن تقدم في التكفير ومأواه جهنم وبئس المصير" (٢).


(١) المفهم (٦/ ٤٩٣)، وانظر: (٦/ ٤٩٤، ٤٩٥، ٧/ ٤٠٧).
(٢) المفهم (٦/ ٢٧٣).

<<  <   >  >>