للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حين لم يستجيبوا له، فأصبحوا يرون في السماء كهيئة الدخان (١).

والقرطبي رجَّح أن الدخان يأتي في آخر الزمان، ويكون من علامات الساعة حيث قال: "وأما الدخان فهو الذي دلَّ عليه قوله تعالى {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)} على ما ذهب إليه غير ابن مسعود، وهم جماعة من السلف، وهو مروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة، وابن عباس، والحسن، وابن أبي مليكة، وروى حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من أشراط الساعة دخانًا يمكث في الأرض أربعين يومًا" (٢).

"قلت -أي القرطبي-: ويؤيد هذا قوله تعالى في الآية {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢) وقوله: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥)} وهذا يبعد قول من قال: إنه الدخان الذي يعذب به الكفار يوم القيامة، وهو مروي عن زيد بن علي (٣).

وفي رده للقول الآخر المخالف لهذا القول الذي عليه ابن مسعود


(١) رواه البخاري في كتاب التفسير، باب: {يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ح ٤٨٢١ (٨/ ٤٣٤)، ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب الدخان ح ٢٧٩٨ (١٧/ ١٤٦).
(٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١/ ٢٢٨) وقال: "حدثني عصام بن رواد قال: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن سعيد الثوري قال: حدثنا منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول -ثم ساق الحديث وقال بعده: أنا لم أشهد لهذا الحديث بالصحة لأن محمد بن خلف العسقلاني حدثني أن سأل روادًا عن هذا الحديث هل سمعه من سفيان؟ فقال له: لا، فقلت له: فقرأته عليه؟ فقال: لا، فقلت له: فقرئ عليه وأنت حاضر فأقرَّ به؟ فقال: لا، فقلت: فمن أين جئت به، قال: جاءني به قوم فعرضوه عليَّ وقالوا لي: اسمعه منَّا فقرأوه على ثم ذهبوا فحدثوا به عني. وقال ابن كثير بعد نقله لكلام ابن جرير السابق: وقد أجاد ابن جرير في هذا الحديث هاهنا فإنه موضوع بهذا السند. تفسير ابن كثير (٤/ ١٤٠). وقال ابن حجر: إسناده ضعيف. فتح الباري (٨/ ٤٣٦).
(٣) المفهم (٧/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>