توفي، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رآه في قبره، وبأن المعلوم المتواتر: أنه توفي بعد أن ظهر دينه وكثرت أمته ودفن بالأرض ووجه الإشكال: أن نفخة الصعق إنما يموت بها من كان حيًّا في هذه الدار فأما من مات فيستحيل أن يموت مرة أخرى؛ لأن الحاصل لا يستحصل ولا يبتغى، وإنما ينفخ في الموتى نفخة البعث وموسى قد مات، فلا يصح أن يموت مرة أخرى، ولا يصح أن يكون مستثنى ممن صعق؛ لأن المستثنين أحياء لم يموتوا، ولا يموتون، فلا، يصح استثناؤهم من الموتى، وقد رام بعضهم الانفصال عن هذا الإشكال فقال: يحتمل أن يكون موسى ممن لم يمت من الأنبياء، وهذا قول باطل بمما ذكرناه، قال القاضي عياض: "يحتمل أن المراد بهذه الصعقة صعقة فزع بعد النشر حين تنشق السموات والأرضون قال: فتستقل الأحاديث والآيات. قلت: وهذه غفلة عن مساق الحديث، فإنه يدل على بطلان ما ذُكر دلالة واضحة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: إنه حين يخرج من القبر فيلقى موسى وهو متعلق، بالعرش وهذا كان عند نفخة البعث ثم إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما يرى موسى يقع له تردد في موسى على ظاهر هذا الحديث هل مات عند نفخة الصعق المتقدمة على نفخة البعث فيكون قد بعث قبله، أو لم يمت عند نفخة الصعق لأجل الصعقة التي صعقها على الطور جعلت له تلك عوضًا من هذه، وعلى هذا فكان حيًّا حالة نفخة الصور، ولم يصعق، ولم يمت وحينئذ يبقى الإشكال إذا لم يحصل عنه انفصال.
قلت: والذي يزيحه إن شاء الله تعالى أن يقال: إن الموت ليس بعدم، وإنما هو انتقال من حال إلى حال، ويدل على ذلك أن الشهداء بعد قتلهم وموتهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين مستبشرين فهذه صفات الأحياء في الدنيا، وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى ... فإذا نفخ في الصور نفخة الصعق، صعق كل من في السموات