للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا المازري أوَّل هذا الحديث فقال: الموت عرض من الأعراض عندنا يضادُّ الحياة وقال بعض المعتزلة: ليس بمعنى وهو يرجع إلى عدم الحياة وعلى المذهبين وإن كان الثاني منهما خطأ لقوله تعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} فأثبت الموت مخلوقًا ولغير ذلك من الأدلة لا يصح أن يكون الموت كبشًا ولا جسمًا من الأجسام وإنما المراد التشبيه والتمثيل وقد يخلق الباري سبحانه هذا الجسم ثم يذبح ويجعل هذا مثالًا؛ لأن الموت لا يطرأ على أهل الآخرة" (١).

والصحيح أن ما أنكروه ليس بمحال إذ لا مانع أن ينشيء الله من الأعراض أجسادًا يجعلها مادة لها كما ثبت في صحيح مسلم في حديث: "أن البقرة وآل عمران يجيئان كأنهما غمامتان" (٢) ونحو ذلك من الأحاديث (٣).

وهذا الحديث وأمثاله ينبغي أن نؤمن به ونترك الخوض في حقيقته ونعلم "أن الله تعالى على كل شيء قدير" "وإنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون" فالعقول لا تحكم بمثل هذه المسائل وهي مسائل الغيب، والله تعالى أعلم.


(١) المعلم (٣/ ٢٠٣).
(٢) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة ح ٨٠٤ (٦/ ٣٣٧).
(٣) فتح الباري (١١/ ٤٢٩).

<<  <   >  >>