للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَاتَتْ في سَمْنٍ؟ قَالَ: ((تُؤْخَذُ الفَأْرَةُ وَمَا حَولَهَا) قُلْتُ: يَا مَولَاي! فِإنَّ أَثرَهَا كَانَ فِي السَّمْنِ كُلِّهِ، قَالَ: ((إنمَا كَانَ أَثَرُهَا بالسَّمْنِ وَهِيَ حَيَّةٌ، وَإنَّمَا مَاتَتْ حَيثُ وُجِدَتْ)).

وهذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله رجال الصحيح، كما قال ابن حجر في (فتح الباري ٩/ ٦٦٩).

وورواه أحمد أيضًا -كما في المصدر السابق-: عَنْ وَكِيعٍ، ثَنا النَّضْرُ بنُ عَرَبِيٍّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى ابنِ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ: عَنْ جَرٍّ فِيهِ زَيْتٌ وَقَعَ فِيهِ جُرْذٌ؟ فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ((خُذْهُ وَمَا حَوْلَهُ فَأَلْقِهِ وَكُلْهُ) قُلْتُ: أَليسَ جَالَ في الجَرِّ كُلِّهِ؟ قال: ((إِنَّهُ جَالَ وَفِيهِ الرُّوحُ فَاسْتَقَرَّ حَيْثُ مَاتَ)).

وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ من أجل النضر بن عربي الباهلي؛ فقد وثقه جماعة، وقال آخرون: ((لا بأس به))، وكذا قال الحافظ في (التقريب ٧١٤٥)، وانظر: (تهذيب التهذيب ١٠/ ٤٤٢).

قلنا: فهذه فتوى ابن عباس مع أنه راوي الحديث، فكيف يكون عنده الحديث بالتفريق بين الجامد والمائع، ويفتي بضده؟ ! فلو كان عنده بالتفريق لأَفْتَى به واحتجَّ بالحديث، وانظر: (مجموع الفتاوى ٢٠/ ٥١٩ - ٥٢٠، ٢١/ ٤٩٧ - ٤٩٨).

قلنا: وقد بَوَّبَ ابنُ رَجبٍ في (شرح العلل): ((قاعدة في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه) وقال: ((قد ضعَّفَ (١) الإمامُ أحمدُ وأكثرُ الحفَّاظ أحاديثَ كثيرة بمثلِ هذا)) (شرح علل الترمذي ٢/ ٨٨٨). وقد أعلَّ


(١) في طبعة همام: ((ضعفه))، والصواب بدون الضمير، كما في طبعة عتر (٢/ ٧٩٦).