للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن شهاب، عن عبيد الله)) (التمهيد ٩/ ٣٥).

وكانت حجَّتُه في ذلك أن مَعْمَرًا رواه على الوجهين، فقال: ((وحدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن بُوْذَوَيْه -وكان من متثبتيهم (١) - أن معمرًا كان يرويه أيضًا عن الزُّهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن ميمونةَ)).

وقال أيضًا: ((ومما يصحح حديث مَعْمَرٍ، عن الزُّهريِّ، عن سعيد: أن عبدَ الله بنَ صَالحٍ حدثني، قال: حدثني الليث، قال: حدثني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عنِ ابنِ شِهَابٍ، قال: قال ابن المسيّب: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ: عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ في سَمْنٍ؟ ... الحديث)).

قال الذُّهليُّ: ((فقد وجدنا ذكر سعيد بن المسَيّب في هذا الحديث من غيرِ روايةِ مَعْمَرٍ، فالحديثان محفوظان)) (التمهيد ٩/ ٣٩، ٤٠).

قلنا: والذي استَدَلَّ به الذهليُّ على تصحيحِ روايةِ مَعْمَرٍ، لا يزيدُ روايته إِلَّا ضعفًا؛ فروايةُ مَعْمَرٍ للحديثِ على الوجهين دليلٌ على اضْطرابِهِ فيه، كما سبقَ ذلك عن شيخِ الإسلامِ وغيرِه.

وأما كونه يُرْوَى عن سعيدٍ مُرْسَلًا، فإن ثبتَ سندُهُ إلى سعيدٍ، فهو علةٌ أُخرَى لروايةِ مَعْمَرٍ (٢)؛ لأنه حينئِذٍ يكونُ هو المحفوظُ عن سعيدٍ، وَوَهِمَ


(١) في مطبوع (التمهيد) طبعة المغرب: (مثبتيهم)، وكذا في (تهذيب التهذيب ٤/ ١٤٩)، والمثبت من طبعة هجر (٢٣/ ١٧٤) ضمن (موسوعة شروح الموطأ)، وقد تقدَّم التعليق عليها في حديثِ ميمونةَ، ورجحنَا هناك أنها للذُّهليِّ، وليسَ لعبدِ الرزاق.
(٢) قال ابنُ الصلاح: ((كثيرًا ما يعللون الموصول بالمرسل مثل: أن يجيءَ الحديثُ بإسنادٍ مَوصُولٍ، ويجيءُ أيضًا بإسنادٍ منقطعٍ أقْوَى من إسنادِ الموصُولِ، ولهذا اشتملتْ كتبُ عللِ الحديثِ على جَمْعِ طُرُقِهِ)) (المقدمة صـ ٩٠).
وحكى عن الخطيبِ فيما إذا تعارضَ الوصلُ والإرسالُ: ((أن الأكثرَ من أهل الحديث يَرَونَ أن الحُكْمَ لِمَن أَرْسَلَ)) (النُّكت على ابنِ الصلاح لابن حجر ٢/ ٦٩٥).