للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكذا صحَّحه النوويُّ، فقال: ((ثبتَ أنه صلى الله عليه وسلم قال في الفأرة تموتُ في السَّمْنِ: ((إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا)))) (المجموع ١/ ١١٩).

وقال في موضعٍ آخر: ((رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ ولم يضعِّفْهُ، وذكره الترمذيُّ بإسنادِ أبي داود ثم قال: وهذا حديثٌ غيرُ محفوطٍ، وذكره البيهقيُّ من روايةِ أبي داود ولم يضعِّفْهُ، فهو وأبو داود متفقان على السُّكوتِ عليه مع صحةِ إسنادِهِ)) (المجموع ٩/ ٣٦).

ومع هذا قال في (خلاصة الأحكام ٤٣٠): ((حسن، رواه أبو داود))! .

قلنا: وهذا منهما اعتمادًا على ظاهر إسنادِهِ، كما هو ظاهر كلام النوويِّ.

والقولُ بصحَّتِهِ هو ظاهرُ صنيعِ الحافظِ ابنِ رَجبٍ؛ حيثُ قالَ في ((شرح العلل)). ((إذا رَوى الحفَّاظُ الأثباتُ حديثًا بإسنادٍ واحدٍ، وانفردَ واحدٌ منهم بإسنادٍ آخر، فإِنْ كَانَ المنْفَرِدُ ثقةً حافظًا، فحُكْمُهُ قريبٌ من حُكْمِ زيادةِ الثقةِ، في الأسانيدِ أو في المتُونِ، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك.

وقد تردَّدَ الحفَّاظُ كثيرًا في مثل هذا: هل يُرَدُّ قولُ مَن تَفَرَّدَ بذلك الإسنادِ، لمخالَفَةِ الأكثرين له، أم يُقبلُ قولُه لثقتِهِ وحفظِهِ؟ .

ويقوِّي قبول قولِهِ إِنْ كان المرويُّ عنه واسعَ الحديثِ، يمكنُ أن يَحْمِلَ الحديثَ من طرقٍ عديدةٍ كالزهريِّ، والثوريِّ، وشعبةَ، والأعمشِ)). وذكرَ مثالًا على ذلك، وقال في أثنَائِهِ: ((وهذا مما يَستَدِلُّ به الأئمةُ كثيرًا على صِحَّةِ روايةِ مَن انفردَ بالإسنادِ إذا رَوى الحديثَ بالإسنادِ الذي رَوى به الجماعةُ ... ) ثم قال: ((مثالٌ آخرُ: رَوى أصحابُ الزُّهريِّ، عنِ الزُّهريِّ، عن عبيد الله بن عبد الله، عنِ ابنِ عباسٍ، عن ميمونةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حديث: (الفأْرة في السَّمْنِ)، ورواه مَعْمَرٌ عنِ الزُّهريِّ عنِ ابن المُسَيّب عن