فمن الحفَّاظِ من صحَّحَ كِلا القولين، ومنهم: الإمام أحمد، ومحمد بن يحيى الذهليّ، وغيرهما، ومنهم مَن حَكَمَ بغلطِ مَعْمَرٍ، لانْفِرادِهِ بهذا الإسنادِ، منهم: البخاريُّ، والترمذيُّ، وأبو حاتم، وغيرُهم.
ويدلُّ على صحة رواية مَعْمَرٍ: أنه رواه بالإسنادين كليهما، وأما لفظ الحديث بالتَّفْرِيقِ بيْنَ الجامِدِ والمائِعِ فقد ذكره مَعْمَرٌ عنِ الزُّهريِّ بالإسنادين معًا)) (شرح علل الترمذي ٢/ ٨٣٨ - ٨٤٠).
وقد سبقَ الجوابُ عن هذا فيما سبق. فالحمد لله على توفيقه، فهو وحْدَهُ الهادي للصواب.
تنبيهاتٌ:
الأول: قال البيهقيُّ-بعد ذِكْرِهِ حديثَ ابنِ عباسٍ عن ميمونةَ-: ((ورواه مَعْمَرٌ، عنِ الزُّهريِّ تارة هكذا، وتارة عن سعيد بنِ المُسَيّب، عن أبي هريرةَ وزادَ فيه: ((فَإِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ)) هكذا قال عبد الرزاق، عن مَعْمَرٍ. وقال عبد الواحد، عن مَعْمَرٍ:((وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا أَوْ مَائِعًا لَمْ يُؤكَلْ)) وكأنَّ هذا أصحُّ)) (السنن الصغير ٨/ ٣٦٣).
وقال أيضًا:((رواه عبد الرزاق، عن مَعْمَرٍ، وقال في الحديث: ((فَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تُقْرَبُوهُ))، وعبد الواحد بن زياد أحفظُ منه، والله أعلم)) (معرفة السنن ١٩٣٦١).
وقال ابنُ حزم:((فإن عبد الواحد بن زياد روى عن مَعْمَرٍ، عنِ الزُّهريِّ، عن ابنِ المُسَيّبِ، عن أبي هريرةَ -هذا الخبر- فقال: ((وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا أَوْ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ))، أو قالَ:((انْتَفِعُوا بِهِ)).