للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقط، فقال أبو زُرْعةَ: "الصحيحُ عِندِي حدِيثُ غُندر" (العلل لابن أبي حاتم ٣٩).

ولعل أبا زُرْعةَ رجَّحَ طريق غندر لسببين: الأول: أن غُنْدرَ مِن أَثبَتِ الناسِ في شُعبة.

الثاني: أن غُنْدرًا سلك به غيرَ الجادة، لأن الجادة عَبَّاد بن تميم، عن عمه عبد الله بن زيد، أما عباد بن تميم، عن جدته أم عمارة؛ فغير الجادة، وسلوك غير الجادة من قرائن الترجيح عند أئمة العلل.

قلنا: ولكن اعتماد هذا الرأي يقضي بالخطإ على كل من يحيى القَطَّان ومعاذٍ العَنْبَريِّ وابنُ أبي زائدةَ والطَّيالِسيِّ والأحمر، وهذا نراه محالًا؛ إذ كيف يخطئ كلُّ هؤلاء - وفيهم القَطَّانُ ومعاذٌ، وكفى بهما -، ويصيب غُنْدَرٌ وحدَه؟ ! .

فأما كون غُنْدَرٍ مِن أثبتَ الناسِ في شُعبةَ، فكذلك معاذٌ والقَطَّانُ مِن أوثقِ الناس فيه، بل قدَّمَ الإمامُ أحمدُ القَطَّانَ عليه، فسُئِل: مَن تُقدِّمُ مِن أصحاب شُعبة؟ فقال: "أما في العدد والكثرة فغُنْدَرٌ، قال: صحِبْتُه عشرين سنةً، ولكن كان يحيى بن سعيدٍ أَثبَتُ" (المعرفة والتاريخ ٢/ ٢٠٢).

وقدم ابن عَدِيٍّ معاذًا ثُمَّ القَطَّانَ على غُنْدَرٍ أيضًا (الكامل ٥/ ٢٦٦).

وقد سبقَ عن القَطَّان - وهو مَن هو في التثبُّت والإتقان - أنه لا يبالي بمن خالَفَه إذا تابَعَه معاذ، ونحن نقول بقوله، لاسيما ومعهما من ذكر منَ الثِّقاتِ، ولسنا ندري هل كان أبو زُرْعةَ - حين سُئِل عن ذلك - وقف على هذه المتابعات للطيالسي وابنُ أبي زائدة، أم لم يكن وقف عليها بعدُ؟ .

وأما الخطأ بسلوك الجادة، فهذا يقع فيه سيِّئُ الحفظ، أو متوسِّطُه،