ولقائل أن يقول لا فرق بين الصورتين في إفادة الحصر الادعائي عند علماء المعاني والفرق بينهما تحكم.
ثم قال: وإن زعم الخصم أنه لا يتعذر أن تكون اللام للماهية في قولنا: زيد العالم إذ قد يخبر بالأعم عن الأخص بخلاف قولنا: العالم زيد فإنه ممتنع أن يخبر عن الأعم بالأخص فهو غلط لأن شرط الإخبار عن الأخص بالأعم تنكير الأعم فحينئذ يتعذر أن تكون اللام في قولنا: زيد العالم للماهية.
وفيه نظر لأن ذلك إما أن يكون مطلقا أو إذا لم يكن المراد المبالغة والأول ممنوع والثاني هو المطلوب.
ثم قال: فإن زعم أنه لا يتعذر أن تكون اللام في قولنا زيد العالم للعهد فإنه يجوز أن تكون لزيد بقرينة التقدم بخلاف قولنا: العالم زيد فإنه لا يجوز أن لا تكون اللام لزيد إذ لا قرينة فهو غلط أيضا لوجوب استقلال الخبر بالتعريف منقطعا عن زيد كالموصول فإنه يستقل بالتعريف وهذا الاستقلال يمنع كون اللام لزيد لتوقف تعريفه حينئذ على تقدم قرينة زيد.
ولقائل أن يقول اللام موضوعة للعهد لا بد لها في الإفادة من معهود فإن تقدمت في أول الكلام فمعهودها ذهني وإن تأخرت فمعهودها ما تقدم وهذا المعنى ينافي الاستقلال وفي هذا الموضع تحقيق لا بأس بتعرضه وهو أن معنى قولهم اللام موضوعة للعهد أنها موضوعة لتذكير السامع ما حضر في ذهنه من الحقيقة المجردة أو المخلوطة تمهيدا لما يرومه المتكلم من الحكم عليه وأعني " بالحقيقة " المجردة الماهية المخلوط معها تعين لا التي يصحبها التعين , والفرق بينهما بين.
فإن الأولى: هي التي عهد المخاطب تعينها في ذهنه.
والثانية: هي التي لا تنفك عن تعينات من غير أن يكون شيء منها ملحوظا معها