ش ــ المسألة السابعة عشرة: إذا كان في الواقع دليل أو خبر يقتضي حكماً على المكلفين، وليس لذلك الحكم دليل آخر، لا يجوز للأمة عدم العلم به؛ لأنه لا يخلو إمّا أن يعمل بذلك الحكم، أو لا. فإن عُمِلَ به كان عملاً بلا دليل، وهو لا يجوز. وإن لم يُعْمَل به كان تركاً للحكم المتوجه على المكلف.
وإذا كان في الواقع دليل أو خبر راجح، أي بلا معارض وقد عُمِلَ على وفق ذلك الدليل أو الخبر بدليل آخر، فهل يجوز عدم علم الأمة به، أو لا؟
فمنهم من جوزه. واحتج بأن اشتراك جميعهم في عدم العلم بذلك الدليل أو الخبر الراجح لم يوجب محذوراً؛ إذ ليس ذلك إجماعاً يوجب المتابعة، بل عدم علمهم بذلك كعدم حكمهم في واقعة لم يحكموا فيها بشيء، فجاز أن يسعى غيرهم في طلب الدليل أو الخبر ليعلم.
ومنهم من نفاه. واحتج بأنه لو جاز عدم علم جميعهم بذلك الدليل أو الخبر حرم تحصيل العلم به، لكن لا يحرم تحصيل العلم أبداً.
وبيان الملازمة: أنه حينئذٍ يكون عدم علمهم به سبيل المؤمنين، فلو طلبوا العلم لاتبعوا غير سبيل المؤمنين.
وردّ: بأن السبيل ما يختاره الإنسان لنفسه من قول أو عمل. وعدم العلم ليس مختاراً لأحد، فلا يكون سبيلاً لهم.