وأجيب من جهتهم: بالفرق، بأن قول المخالف الذي مات، قول من وجد في العصر الأول، فيجب اعتباره في إجماع أهل العصر الأول.
وقول المنقرضين ليس قول من وجد في العصر الثاني، فلا يعتبر في إجماع أهل العصر الثاني. وقد مرّ الكلام على الفرق غير مرة.
واحتج المجوّز القائل بحجيته: بأنه لو لم يكن حجة، لأدى إلى اجتماع الأمة الأحياء على الخطأ، وهو باطل؛ لأن الأدلة السمعية دالة على عصمة الأمة عن الخطأ.
وبيان الملازمة: أن اجتماعهم إمّا أن يكون على الحق أو الخطأ. فإن كان الأول وجب اتباعه، وما ليس بحجة لا يجب اتباعه، فكان حجة. وإن كان الثاني، لزم اجتماعهم على الخطأ.
وأجاب بمنع انتفاء التالي؛ لأن الأدلة السمعية لا تدل إلا على عصمة كل الأمة عن الخطأ، وليسوا كذلك؛ لأن الماضي، أي من مات داخل في الأمة ظاهراً لتحقق قوله. بخلاف من لم يأت بعد فإنه ليس بداخل في كل الأمة الموجودين لعدم تحقق قوله.
ولقائل أن يقول: كل ممن مات ومن لم يأت ليس بداخل في كل الأمة الموجودين حقيقة، وإنما هو بطريق المجاز، وكلاهما في ذلك سواء، ولا أثر لتحقق قوله فيما مضى إذا كان الكلام فيما هو موجود من الأمة في الحال.
ص ــ مسألة: اتفاق أهل العصر عقيب الاختلاف إجماع وحجة، وليس ببعيد. وأمّا بعد استقراره فقيل: ممتنع.
وقال بعض المجوّزين: حجة.
وكل من اشترط انقراض العصر، قال: إجماع.
وهي كالتي قبلها، إلا أن كونه حجة، أظهر؛ لأنه لا قول لغيرهم على خلافه.
ش ــ المسألة السادسة عشرة: اتفاق أهل عصر على حكم بعد اختلافهم فيه