والخامس: أنه يجوز ولكن لم يقع. وهو مختار إمام الحرمين.
واحتج المصنف على المختار بوجهين:
أحدهما: أنه واقع والوقوع دليل الجواز وذلك لأن البول والغائط والمذي كل منها علة مستقلة للحدث وكذلك كل واحد من القتل العمد والردة علة مستقلة للقتل.
فإن قيل النزاع في الحكم الواحد والأحكام في الصورتين متعددة لأن القتل بالردة غير القتل قصاصا فإنهما يفترقان فيما ارتد القاتل بعد القتل ثم أسلم فإنه ينتفي القتل بالردة دون القصاص وإذا لم يسلم لكن عفى الأولياء ينتفي القصاص ويبقى الآخر.
أجيب بأن الحكم واحد والتعدد في إضافته إلى العلل وإضافة الشيء إلى أحد دلائله وعدم إضافته إلى دليل آخر لا يوجب التعدد في الشيء وإلا لزم مغايرة حدث البول لحدث الغائط لتعدد إضافته إلى علله.
وللخصم أن يلتزم ذلك أيضا لاختلاف اللوازم الدال على اختلاف الملزومات.
والثاني: أنه لو امتنع تعدد العلة لامتنع تعدد الأدلة لأن العلل أيضا أدلة لكونها معرفة للأحكام. والتالي باطل بالاتفاق إذ يجوز أن يكون لمدلول واحد أدلة.
ولقائل أن يقول العلة باعثة دون الدليل فاعتبارها به باطل.
والمانعون من جواز تعليل الحكم الواحد بعلل مستقلة احتجوا بثلاثة أوجه:
الأول: لو جاز تعليل الحكم الواحد بعلل مستقلة لكانت كل واحدة منها مستقلة غير مستقلة واللازم باطل فالملزوم مثله. وبيان الملازمة بأن معنى استقلالها هو أن يثبت الحكم بها بانفرادها فإذا تعددت العلل المستقلة ثبت الحكم بكل واحدة منها لأنها علة مستقلة ولم يثبت بكل منها لأنه ثبت بالجميع فيلزم التناقض.