ولقائل أن يقول الكلام في تنصيص الشارع على العلة والمثال المذكور ليس كذلك حتى لو فرضنا أن الشارع قال: أعتق غانما لحسن خلقه ألزمنا بأن كل عبد حسن خلقه وجب على المولى إعتاقه.
والثاني: لو قال الأب لولده لا تأكل هذا الطعام لأنه مسموم فهم عرفا المنع من كل مسموم فلولا هو مثل قوله: لا تأكل مسموما أصلا لما فهم.
وأجاب بأنا لا نسلم أنه فهم ذلك عرفا من اللفظ بل فهم بقرينة هي شفقة الأب فإنها تقتضي المنع عموما بخلاف الأحكام فإنها قد تكون لأمر لا يدرك
وهذا الوجه غير صحيح لأن الكلام في نص الشارع.
الثالث: لو لم يكن التنصيص عليها كافيا للتعدي لعري التنصيص عن الفائدة لحصول الحكم في المنصوص عليه بمجرد النص بدون التنصيص على العلة.
وأجاب بأن فائدة التنصيص تعقل المعنى الذي لأجله شرع الحكم وتعميم الحكم لا يكون إلا بدليل آخر.
وفيه نظر لأن الشارع مطاع وطاعته لا تحتاج إلى كون ما حكم به معقولا بالإجماع فلو لم يكن التنصيص للتعدي لعري عن الفائدة وكون التعميم لا يكون إلا بدليل مسلم ولكن لم لا يجوز أن يكون هو التنصيص.
الرابع: لو قال الشارع: الإسكار علة التحريم لعمم كل مسكر فكذلك: حرمت الخمر لإسكارها لأنه مثله.
وأجاب بنفي المماثلة لأن قوله: الإسكار علة التحريم حكم بالعلة على كل إسكار فيستوي فيه الخمر والنبيذ بخلاف قوله: حرمت الخمر لإسكارها فإنه حكم بعلية إسكار الخمر لحرمتها ولا تعرض فيه للنبيذ.
واحتج البصري بأن من ترك أكل شيء لأنه مؤذ دل ذلك على تركه كل مؤذ بخلاف من ارتكب أمرا لمصلحة كالتصدق على فقير فإنه لا يدل على تصدقه على كل فقير.
وأجاب بأنا لا نسلم أنه يدل على تركه كل مؤذ ولو سلم دلالته على كل مؤذ