ولقائل أن يقول: لا نسلم جواز أن تكون الفائدة من الوضع الأول استعماله في المعنى المجازي؛ لأن الوضع المجازي بوضع ثان، فإن كان استعماله في المعنى المجازي فائدة الوضع الأول كان الوضع الثاني عبثاً، وإن كان فائدة الوضع الثاني كان الأول عبثاً وليس منع صاحب هذا الرأي كون المجاز بوضع ثان ليلزمن [با] لوجوب أن يضع الواضع اللفظ لما ترتب عليه الفائدةبلا وسط فكان فيه حقيقة.
لا يقال: جاز أنه لاحظ احتياجه {{عسى}} إلى استعماله فيما وضع له حقيقة [٣٤/ب] بعد استعماله في المجاز، لإمكان حصول غرضه باستعماله إذ ذاك في الأول مجازاً.
وقال النافي: لو استلزمها لكان لنحو: {{قامت الحرب على ساق}} و {{شابت لمة الليل}} حقيقة، لكونها مجازات فيما استعملت فيه، لكنها لم تستعمل في غيرها.
قال المصنف:{{وهو مشترك الإلزام، للزوم الوضع}} بأن يقال المجاز يستلزم الوضع الأول بلا خلاف. فلو كان هذا الدليل صحيحاً لزم أن تكون هذه الألفاظ موضوعة لشيء خلاف ما استعملت فيه لاستلزام المجاز الوضع، وليست بموضوعة لشيء غير ما استعملت فيه.
ولقائل أن يقول: استعمال هذه الألفاظ في المعاني المرادة منها ثابت، أو لا. فإن كان الثاني فلا نقض، وإن كان الأول وبالضرورة يستلزم الوضع، كان لها موضوعات وإن لم نعلمها، وعدم العلم بالشيء لا يستلزم عدمه في نفسه. ثم أراد المصنف إبطال دليل هذا المذهب بالتفصيل فقال:{{والحق أن المجاز في المفرد}}،