واضع الحقائق اللغوية، فكما جاز أن توصف اللغوية بالعربية جاز وصف الشرعية بها. وأجاب المصنف بوجهين:
أحدهما: منع الملازمة، أي لا نسلم أنها لو كانت حقائق شرعية كانت غير عربية؛ لأن العربي ليس هو الذي يفيد ما وضعه واضع اللغة، بل هو الذي يفيد معناه على طريقة العرب من حقيقة ومجاز وهذه الألفاظ كذلك؛ لأن الشارع وضعها لمحل المجاز اللغوي فتكون مجازات لغوية صارت حقائق شرعية بحسب الشهرة، فلم تخرج عن كونها عربية.
ولقائل أن يقول: سلمنا أن طريقة العرب إفادة المعني بحسب الحقيقة أو المجاز، لكن هل يشترط اتحاد المستعمل في التخاطب، أو لا؟
والأول، مسلم ونصره، والثاني، ممنوع.
وثانيهما: منع بطلان التالي بأن يقال: لا نسلم أن هذه الألفاظ عربية واشتمال القرآن عليها لا ينافي عربيته؛ لأن المراد بكونه عربياً أكثره، والضمير في قوله:{إِنَّا أَنزَلنَاهُقُرآنًا عَرَبِيّا} للسورة، فلا يستلزم الكل، والمشتمل على العربي وغيره قرآن تسمية باسم الأغلب.
فإن قيل: القرآن اسم للكل فكيف يرجع الضمير إلى البعض؟
أجاب المصنف: بأنه من باب ما يشترك القليل والكثير منه في الاسم والرسم، كالماء والعسل، وغيرهما بخلاف المائة والرغيف، فإن كلاً منهما اسم للمجموع فلا يصح إطلاقه على الجزء.