ذكر متعلقهما، والابتداء والانتهاء ليس بمشروط في الدلالة على ذلك {{فمن}} و {{إلى}} ليس بالابتداء والانتهاء، وإنما قال:{{وابتدأ}} و {{انتهى}} لئلا ينازع أحد بأنه إن لم يكن مفهومهما الابتداء، والانتهاء فليكونا اسمي {{ابتدأ}} و {{انتهى}}، وإشارة إلى أن الاسم والفعل متشاركان في كونهما غير مشروطين في دلالتهما على المعنى الإفرادي بذكر المتعلق، بخلاف الحرف. وقيد المعنى بالإفرادي؛ لأن المعنى التركيبي مشروط في الدلالة على الاسم والفعل بذكر ما يحصل به من أحد المسندين.
وأورِدَ بالأسماء اللازمة للإضافة {{كذو}} و {{فوق}} و {{تحت}} وأمثالها فإنها لا تفيد معناها الإفرادي إلا بشرط يذكر متعلقها وهو [٤٤/أ] المضاف إليه.
وأجيب: بالفرق، بأن ذكر المتعلق في الحرف مشروط من أول الوضع، وأما الأسماء المذكورة فلم يشترط الواضع في دلالتها على معناها الافرادي ذكر المتعلق، وإنما كان عدم الانفكاك لأمر وهو أنه علم بالاستقراء أن وضع {{ذو}} بإزاء {{صاحب}} ليتوصل به إلى وصف الأسماء بأسماء الأجناس، فلأجل حصول غرضه من الوضع اقتضى ذكر المضاف إليه لا لأجل دلالته على ما وضع بإزائه.
وكذلك عُلِمَ أن {{فوق}} وضع بإزاء مكان عالٍ ليتوصل به إلى علوٍ خاص فلذلك اقتضى ذكر متعلقه.
فإن قولنا: زيد فوق الدار، إنما يتخصص كون مكانه [عالياً] بالاقتران بالدار وقس الباقي عليه.
هذا ما ذكروه، وتساوى المحققون وغيرهم في ذلك، وهذا كلام اضطراري ليس فيه من التحقيق ولا الاخالة شيء، وذلك لأنه يجوز أن يقال {{من}} وضع بإزاء ابتدأ، ليتوصل به إلى ابتداء خاص مثال:{{خرجت من البصرة إلى الكوفة}}.
وأما أن ذلك باعتبار أن الواضع شرط عند وضع {{من}}، ولم يشترط عند وضع {{ذو}} فهو دعوى مجردة، والاستقراء إن دل على شيء في هذا لا يزيد على وجود أن كل واحد منهما في الاستعمالات مستعمل مقروناً بذكر المتعلق.