الوحي، فإن كان المراد به الإفهام بالخطاب فذلك لا يكون إلا بحروف وأصوات، والكلام فيها، كالكلام في الأول، والمآل دور أو تسلسل.
وإن كان المراد به الإلهام وهو تحرك القلب بعلم يدعوك إلى عمل من غير نظر في حجته. فذلك توفيق لا توقيف.
وإن كان غير ذلك فلابد من بيانه، وعلى هذا يظهر أن قول من قال: الحق أن المطلوب في هذه المسألة إن كان القطع بوقوع أحد هذه المذاهب فالمختار قول القاضي؛ إذ لا قطع في شيء منها.
وإن كان الظن فالحق ما قاله الأشعري؛ لطهور الآيات في المطلوب. ليس بشيء؛ لان مذهب (٤٦/ب) الأشعري غير محرر في نفسه فكيف يستدل عليه.
واعلم أن هذه المسألة، أعني ابتداء الوضع، وبيان الواضع ليس ما يحتاج إليه الأصولي؛ لأن نظم الكتاب أو السنة الثابتة إذا دل على معنى ينظر فيه الأصولي لاستنباط ما عن له من الحكم بعمومه أو خصوصه، حقيقته أو مجازه، بدلالته أو إشارته وليس له التفات إلى ابتداء الوضع كيف كان، ولا الواضع من كان، وإنما نظره في أن هذا نظم يجب العمل بما يدل عليه.
ص- قال:(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا).
قالوا: ألهمه أو علمه ما سبق.
قلنا: خلاف الظاهر.
قالوا الحقائق، بدليل قوله:(ثُمَّ عَرَضَهُمْ).
قلنا:(أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ) يبين أن التعليم لها والضمير للمسميات.
استدل بقوله:(وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ)، والمراد اللغات باتفاق.