صوم كذلك، وإلا، أي وإن لم تتحد الجهة المذكورة لم يفد الدليل؛ لأن النهي عن الصلاة المكروهة حينئذٍ يكون راجعاً إلى وصف جائز الانفكاك عنها، كالتعرض لنفار الإبل في أعطانها، ولخطر السيل في بطن الوادي، ولخوف الرشاش في الحمام والأمر راجع إلى الصلاة مطلقاً، فيجوز تعلق الوجوب والكراهة بهاتين الجهتين المتغايرتين.
وأما الصلاة في الأرض المغصوبة فإن الجهة التي تعلق النهي بها وهو كونها في الدار المغصوبة لا تنفك عن الصلاة فلم يلزم من جواز اجتماع الوجوب والكراهة جواز اجتماع الحرمة والوجوب، وهو ليس بصحيح؛ لأن متعلق الوجوب في الصلاة في الدار المغصوبة مطلق الصلاة ومتعلق الحرمة بها في الدار المغصوبة، وهو ينفك عن الصلاة فكان النهي في الصورتين راجعاً إلى وصف الصلاة، ومتعلق الحرمة جائز الانفكاك فلا فرق بينهما.
واستدل ــ أيضاً ــ: بأنه لو لم تصح الصلاة في الدار المغصوبة لما سقط التكليف؛ أنه إنما سقط بإتيان المأمور به، وما لم يكن صحيحاً لا يكون إتياناً بالمأمور به، لكنه يسقط بالإجماع على ما قاله القاضي، ويدل ــ أيضاً ــ على تحقق الإجماع.
أن السلف لم يأمروا بقضاء الصلوات المؤداة في الدار المغصوبة.
وأجاب [٦٤/أ] المصنف: بمنع الإجماع؛ فإن أحمد خالف الفقهاء في سقوط التكليف بأداء الصلاة في الدار المغصوبة وهو أقعد بمعرفة الإجماع من غيره؛ لأنه قد بالغ في تفتيش النقل ومع مخالفته ضعف دعوى الإجماع.
وفيه نظر؛ لأنه نقل عن أحمد أنه قال: من ادعى الإجماع فقد كذب فيجوز