صدورها منه بحسب الذات وان امتنع صدورها منه بأمر خارجي، وهو تعلق علم الله -تعالى- بعدم وقوعه فيكون غير محل النزاع؛ لأن النزاع إنما هو في الممتنع بالذات.
ولقائل أن يقول: وقوع التكليف بما لا يقع دل على المراد به ليس الامتثال بالفعل فالإمكان مع عدم الوقوع والامتناع سيان في جواز اعتقاد أن المكلف به لو كان ممكنا جائز الوقوع امتثل.
والثاني: أنه يلزم مما ذكرتم أن تكون التكاليف كلها تكيفا بالمحال وهو باطل بالإجماع.
أما استلزام كون القدرة مع الفعل، وكون الفعل مخلوقا لله - تعالى - إياه فظاهر. وأما استلزام علم الله -تعالى- ذلك؛ فلأنه لو وجب كل ما علم الله وقوعه وامتنع كل ما علم الله عدم وقوعه، كانت الأفعال إما واجبه أو ممتنعه، والتكليف بهما محال.
ولقائل أن يقول: هذا غير صحيح لعدم اتصاله بمحل النزاع؛ فإن الكلام في التكليف بالمحال وما علم الله وجوده ليس بمحال فيكون التكليف به تكليفا بالمحال.
وأما ما علم الله -تعالى- عدمه فالتكليف به تكليف بالمحال؛ لكونه محالا، وفيه النزاع بأنه يجوز أن يكلف به لا لوقوعه بل لاعتقاده أنه لو كان ممكنا خصل الامتثال، أو لا يجوز، ولا يلزم من ذلك أن يكون التكليف بذلك مستلزما لأنه تكون التكاليف كلها تكليفا بالمحال.
ص-قالوا: ملف أبا جهل [٧٠/ب] تصديق رسوله في جميع ما جاء به ومنه أنه لا يصدقه، فقد كلفه بأن يصدقه في ألا يصدقه وهو يستلزم أنه لا يصدقه.