ش-المسألة الثانية: في أن المكلف به هل يشترط أن يكون فعلا، أو لا.
فذهب أكثر المتكلمين إلى أنه لا تكليف إلا بالفعل، وأن المكلف به في النهى كف النفس عن الفعل، وهو فعل، لا نفي الفعل، فإنه ليس بفعل.
وذهب أبو هاشم وكثير من المتكلمين إلى جواز التكليف بنفي الفعل، وهو المكلف به في النهي.
واستدل المصنف للأول أن نفسي الفعل لو كلف به لكان مستدعى الحصول؛ لأنه مطلوب، وكل مطلوب مستدعى حصوله، لكن لا يكون كذلك؛ لأن استدعاء الحصول فرع تصور وقوعه، ووقوع النفي غير متصور، لكونه غير مقدور عليه؛ لأنه نفي محض.
وأجيب: بمنع أن نفى الفعل غير مقدور عليه كما ذهب إليه القاضي أبو بكر في أحد قوليه مستدلا بأن ترك الزنا يوجب مدح المكلف.
] ورد هذا الجواب بأن الفعل كان معدوما قبل وجود المكلف [واستمر العدم بعده فلم يكن العدم بقدرته؛ لأنها تقتضى أثرا عقلا, ولم يوجد.
ثم قال:" وفيه نظر" أي في الرد، وذلك لأنا لا نسلم أن نفى الفعل غير مقدور