الوضع، كقتل الطفل وإتلاف البهيمة إذا أرسلت فأتلفت الزرع، فإن الضمان عليهما ليس باعتبار التكليف، بل من حيث أن فعلهما جعل سببا له فيؤدى الولي وصاحبها الضمان، أو الصبي إذا بلغ، كذلك جعل فعل السكران سببا لأفعاله الصادرة عنه.
ولقائل أن يقول: سلمنا أن فعل الصبي والبهيمة سبب، لكن الضمان من حيث أن الولي والممالك مكلفان بالأداء، ألا ترى أن البهيمة لو انفلتت بغير إرسال فأتلفت، فلا ضمان، وكذلك البهائم الوحشية فدل أن السبب لا يستقل بوجوب الضمان ما لم يكن مكلفا، وليس غير السكران من يكون مكلفا دونه فكان مكلفا.
واستدلوا -أيضا-بقوله-تعالى-: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} فإنه صريح في كون السكران مكلفا بالنهى عن الصلاة حاله السكر.
وأجيب: بأن الآية مأكولة لئلا يبطل ما ذكرنا من الدليل على عدم جواز تكليف من لا يفهم، وفي تأويلها وجهان:
أحدهما: أن النهى عن السكر حالة إرادة الصلاة إن نزلت قبل التحريم لا عن الصلاة حاله السكر، وذلك مثل ما بقال: لا تمت وأنت ظالم. فإن النهى عن الظلم عند الموت، لا عن الموت حاله الظلم.
والثاني: أن المراد بالسكران: الثمل. وهو الذي ظهر منه مبادئ النشاط