أحدهما: أن الإمكان الذي هو شرط صحة التكليف هو أن يكون المكلف به مما يأتي فعله عادة عند دخول وقته واستجماع شرائطه والفعل الذي علم الآمر انتفاء شرط وقوعه ممكن بهذا الإمكان، وامتناعه بسبب [انتفاء] شرط وقوعه لا ينافي هذا الإمكان، بل الإمكان الذي هو شرط وقوع الفعل ينافي امتناعه بسبب انتفاء شرط وقوعه وكون هذا الإمكان شرطاً لصحة التكليف محل النزاع.
وحاصله أن للفعل إمكاناً من حيث التكليف به، وإمكاناً من حيث وقوعه، والأول لا ينافيه الامتناع بسبب انتفاء شرط وقوعه.
والثاني ينافيه، ولكن ليس ذلك الإمكان شرط التكليف بل هو محل النزاع.
ولقائل أن يقول: لا نسلم أن الفعل الذي علم الآمر انتفاء شرط وقوعه ممكن على معنى أنه عند دخول وقته واستجماع شرائطه يتأتى وقوعه من المكلف؛ لأن الاستجماع محال، والموقوف على المحال محال.
فإن قيل: المراد لو فرض استجماع شرائطه.
قلنا: ذلك فرض محال، والمحال جاز أن يستلزم محالاً آخر فلا يثبت به المطلوب.
والثاني: لو صح ما ذكرتم لم يصح التكليف بما إذا جهل الآمر انتفاء شرط وقوعه؛ لأن مثل هذا الفعل قد يكون ممتنعاً، لجواز انتفاء شرط وقوعه وفيه نظر؛ فإنه يجوز أن تمنع الملازمة، لجواز أن لا يكون الفعل ممتنعاً.
وقالت ــ أيضاً ــ المعتزلة: لو صح التكليف بما علم الآمر انتفاء شرط وقوعه، لصح بما علم المأمور انتفاء شرط وقوعه، قياساً عليه.
والجامع كون كل واحد منهما معلوماً عدم حصوله.
ولقائل أن يقول: العلم بعدم الحصول لا يصلح أن يكون جامعاً؛ لأن الجامع