ودلالتها على ثبوت النص [على كون الإجماع حجة؛ لأن وجود تلك الصورة مستفاد من التواتر، ودلالتها على ثبوت النص] مستفادة من العادة.
ولقائلٍ أن يقول: في هذا الدليل خلل آخر غير الدور، والدور باقٍ أمّا بقاؤه؛ فلأنكم قلتم الإجماع حجة؛ لأنهم أجمعوا على القطع بتخطئة مخالف الإجماع، وهذا صورة من صوره لا محالة، فلا يثبت به شيء حتى تثبت حجيته.
وأمّا الخلل الآخر: فهو أنكم قلتم العادة تحيل إجماعهم على القطع بتخطئة المخالف من غير قاطع، والعادة ليست بحجة في عظائم الأمور والإجماع منها؛ لكونه أصلاً من أصول الشرع.
سلمناه، لكن لا نسلم اقتضاء قاطع؛ لأن المحتاج إليه سند الإجماع، ويجوز أن يكون أمراً ظنياً.
وأمّا الكلام على قطعية دلالة النص فقد مرّ.
قوله:{{ومنها: أجمعوا}} دليل آخر على كون الإجماع حجة قطعية.
وتقريره: أجمع العلماء المحققون على تقديم الإجماع على النص القاطع، ولولا أنه قاطع لما قدموه.
أمّا إجماعهم على ذلك فبالتواتر.
وأمّا بيان الملازمة فبدفع تعارض الإجماعين؛ فإنه ثبت بالتواتر ــ أيضاً ــ أنهم أجمعوا على أن القاطع مقدم على غيره. فهذا الإجماع يقتضي تقدم القاطع على غيره، والإجماع الأول يدل على تقدم الإجماع على القاطع، فلو لم يكن الإجماع قاطعاً كان أحدهما مقتضياً لجواز تقدم غير القاطع على القاطع. والآخر [يقتضي عدم تقدمه]، لوجوب تقدم القاطع على غيره، وذلك تعارض والعادة تحيل وقوع التعارض بين قولي مثل هذا العدد من العلماء المحققين.