لعلمه أنه لا يلتفت إلى إنكاره، كما قال ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ في سكوته عن مسألة العول في حياة عمر حين سئل عنه: كان رجلاً مهيباً فهبته}}.
وأجاب المصنف: بأن هذه الاحتمالات خلاف الظاهر؛ لأن عادتهم ترك السكوت عمّا أفتى به أحد إذا لم يكن موافقاً لهم.
وفيه نظر؛ لأن عادتهم كانت ذلك إذا لم يكن ثمة مانع، وكل منها مستقل بالمنع.
وقال الناقل عن الشافعي ــ ثانياً: دليل ظاهر؛ أي سكوتهم دليل ظاهر عند علمهم بحكم ذلك المبني على الموافقة، لرجحان احتمال الموافقة بحكم العادة فيكون حجة لا إجماعاً قطعاً، وهذا دون الأول لما ذكرنا على كونه حجة، وللنظر المذكور آنفاً.
وقال الجبائي: هذه الاحتمالات وإن كانت قوية، لكن شرط انقراض عصر المجتهدين يضعفها فيتقوى احتمال الموافقة.
ولقائل أن يقول: اشتراط انقراض العصر فاسد، لما سنذكره، وهذا مبني عليه، والبناء على الفاسد، فاسد.
وقال علي بن أبي هريرة: العادة تقضي بأن ترك الإنكار في الفتيا للموافقة ظاهراً.
بخلاف حكم الحاكم، فإن الفقهاء يحضرون مجالس الحكم ويشاهدون خطأهم في الأحكام، ويتركون الإنكار عليهم، لمهابتهم ولغير ذلك.
وأجاب المصنف عنه: بأن الفرض قبل استقرار المذهب، وإذا لم يستقر المذهب يجوز إنكار قول الحاكم، كما يجوز إنكار قول المفتي فلا فرق بينهما إذاً.
وفيه نظر؛ فإنه ليس الكلام في جواز الإنكار وعدمه، وإنما [٩٢/ب] الكلام في