وقال قوم: يجوز أن يكون لا عن مستند، واستدل للمحققين بوجهين:
أحدهما: أن حصوله بغير مستند يستلزم خطأ الإجماع؛ لأن القول في الدين بلا دليل أمارة الخطأ.
ولقائل أن يقول: الإجماع دليل في الدين فلا يحتاج إلى دليل آخر.
والثاني: أن العادة يستحيل اجتماع الجمع الكثير من العلماء المجتهدين على حكم من غير سند.
وفيه نظر؛ لكن الدلائل السمعية الدالة على حجيته لا تدل على شيء من ذلك، والعادة يستحيل الاجماع على حكم بغير سند، إذاً لم يكن قولهم حجة للاحتياج إذ ذاك إلى حجة.
وأمّا من كان قولهم حجة فلا نسلم الإحالة بل طلب الدليل يكون مستحيلاً حينئذٍ؛ إذ الدليل لا يحتاج إلى دليل.
فإن قيل: قولهم حجة إذا كان عن دليل.
قلنا: قول النزاع.
واستدل للآخرين: بأنه لو لم ينعقد إلا عن دليل لم يكن للإجماع فائدة للاستغناء به عنه.
وأجاب: بأن فائدته سقوط البحث، وحرمة مخالفة ذلك الحكم بعد انعقاده.
ولقائل أن يقول: سقوط البحث بين المجتهدين ليس أمراً مرغوباً فيه يجعل فائدة، بل هو حجر في واسع.