وأجيبوا: بأن سبيل المؤمنين في الآية مأوّل بما اتفقوا عليه فيكون اتباع غير سبيل المؤمنين مخالفتهم فيما اتفقوا عليه لا احداث ما سكتوا عنه ولو لم يأوّل بذلك لزم المنع من كل متجدد سكت عنه المتقدمون، والكلام على منع المتجدد قد تقدم.
وقالوا ــ أيضاً ــ: قوله ــ تعالى ــ: {تَأمُرُونَبِالمَعرُوفِ} خطاب مشافهة وهو لا يتناول إلا العصر الأول لعدم المشافهة في غيرهم فوجب أن يكون العصر الأول آمرين بكل معروف؛ لأن اللام للاستغراق وكل ما لم يأمروا به لم يكن معروفاً بل يكون منكراً.
والدليل أو التأويل الآخر لم يأمروا به فيكون منكراً، فلا يجوز إحداثه.
ولقائل أن يقول: وجب على العصر الأول الأمر بكل معروف إجمالاً أو تفصيلاً. والثاني متعذر بالضرورة، والأول مسلّم، لكن لِمَ لا يجوز أن يكون إحداث دليل أو تأويل آخر معروفاً داخل تحت أمرهم بالإجماع، فإن فيه تقوية واستظهاراً للأحكام الشرعية ولا شك أن ذلك معروف.
وأجيبوا: بالمعارضة بقوله: {وَتَنهَونَعَنِ المُنكَرِ}، فإنه يقتضي نهيهم عن كل منكلا للام فلو كان إحداث ذلك منكراً لنهو عنه.
وهذا ضعيف؛ لأن المعارضة أسوأ حال المناظر؛ لتسليمه دليل الخصم ويجوز أن يجابوا بأن الواجب عليهم النهي عن المنكر إجمالاً فيجوز أن يكون إحداث الدليل أو التأويل الآخر منكراً لكونه على خلاف ما اتفقوا عليه فيكون داخلاً تحت نهيهم.
ص ــ مسألة اتفاق العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول بعد أن استقر خلافهم.