للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توسط المقدمتين، وهو ظاهر، لكنه مفتقر؛ لأن العلم بصدقه لا يحصل إلا بعد أن نعلم أن المخبر عنه من المحسوسات، وأن نعلم أن المخبرين جمع عظيم لا داعي لهم إلى التوافق على الكذب.

ونعلم أن كل خبر عن محسوس أخبره جماعة لا داعي لهم إلى التوافق على الكذب لا يكون كذباً، ونعلم أن ما لا يكون كذباً يكون صدقاً، وهو معنى قوله: {{فيلزم النقيض}}.

وأجاب المصنف: بأنا لا نسلم أن العلم بصدق الخبر المتواتر يتوقف على العلم بهذه الأمور، بل إذا حصل العلم بصدقه علم بعده أنه لا داعي لهم إلى التوافق على الكذب، لا أن العلم بصدقه يفتقر إلى سبق تلك الأمور، فيكون العلم بصدق الخبر ضرورياً.

فإن قيل: إذا كان العلم بصدق الخبر المتواتر ضرورياً لم يمكن صورة الترتيب فيه.

أجيب: بأن صورة الترتيب ممكنة في كل ضروري، حتى في أجلى البديهيات، كقولنا: الشيء إمّا أن يكون وإمّا أن لا يكون، فإنه أمكن أن يقال: الكون واللا كون متقابلان، والمتقابلان لا يوصف بهما شيء واحد.

واعلم أن ههنا مقامين:

أحدهما: أن العلم الحاصل بالخبر المتواتر ضروري أو نظري.

والثاني: أن العلم بصدق الخبر المتواتر ضروري أو نظري.

وكلام المصنف يحتملهما.

فإن كان المراد الأول، فالحق قول الجمهور، وإن كان الثاني فقول أبي الحسين، فتأمل. فكان في تحرير المبحث تسامح.

<<  <  ج: ص:  >  >>