يستلزمه دون العكس إنما يفرون من الطرد لأحد أمور: إما لأن النهي طلب نفي فعل أي طلب أن لا يفعل وهو عدم والأمر طلب وجود فعل وطلب العدم لا يكون غير طلب الوجود ولا متضمنا له.
وفيه نظر لأن الوجودي قد يستلزم العدمي فإن تصور كل سلب يتلزم تصور إيجابه.
قيل وهذا الدليل يوجب أن لا يكون الأمر بالشيء نهيا عن ضده ولا مستلزما له لأن طلب الوجود لا يكون بعينه طلب العدم ولا متضمنا له.
وأما الإلزام المذكور وهو لزوم كون الزنا واجبا" وهذا " الدليل أيضا باطل لأن الأمر بالشيء لو كان عين النهي عن ضده أو مستلزما له للزم أن يكون الأمر بالصلاة بعينه نهيا عن الحج أو مستلزما له فإن الصلاة ضد الحج.
وفيه نظر لأن الحج وأمثاله إن كان ضدا فقد دل الدليل الصريح على وجوبه فترك الدليل الذي ينفيه بالاستلزام ترجيحا للصريح عليه.
وإما لأن أمر الإيجاب يستلزم الذم على الترك والترك فعل لما تقدم أن الذم لا يكون إلا على الفعل فاستلزم الأمر النهي لأن الترك الذي هو فعل يذم عليه منهي عنه.
وأما النهي عن الشيء فلا يستلزم الأمر بالضد. إما لأن النهي طلب كف فعل والأمر طلب فعل غير كف فلو كان النهي مستلزما للأمر لزم أن يكون طلب الكف مستلزما لطلب غير الكف , وهو مستحيل.
وإما لأنه لو كان النهي مستلزما للأمر لزم نفي المباح لأنه يلزم من النهي الأمر بالمباح الذي هو ضد النهي عنه فانتفى المباح لكونه مأمورا به والمأمور به واجب.
وهو أيضا باطل لأن الأمر بالشيء لو كان مستلزما للنهي عن الضد للزم أيضا نفي المباح لأنه ضد المأمور به فيكون منهيا عنه فلا يكون مباحا.