الأول: أن الإتيان بالمأمور به لو لم يستلزم الإجزاء لم يعلم الامتثال لبقاء احتمال توجه التكليف , وإذا احتمل توجه احتمل عدم الامتثال لأن تحقق الامتثال مع توجه التكليف متنافيان. وإذا احتمل عدم الامتثال لم يعلم الامتثال لأن العلم بالشيء ينافي احتمال النقيض.
وفيه نظر لأن الإجراء لما كان سقوط القضاء كان غير الامتثال قطعا فلا يلزم من عدم سقوط القضاء عدم العلم بالامتثال فإن الامتثال حينئذ عبارة عن إخراج المأمور به من القوة إلى الفعل وهو عين الإتيان بالمأمور به على الوجه الذي أمر به فكيف يكون غير معلوم.
ولأن قوله لبقاء احتمال توجه التكليف ليس بمستقيم لأنه إذا لم يحصل سقوط القضاء بالإتيان بالمأمور به فالخطاب متوجه لا محتمل لأن القضاء بالأمر السابق.
والثاني: أن القضاء استدراك لما فات من الأداء فلو لم يكن الإتيان بالمأمور به على وجهه مسقطا للقضاء لكان تحصيلا للحاصل , فإن الحاصل من الإتيان بالمأمور به إذا عدم الإجزاء ولم يحصل بالقضاء شيء أخر غيره وهو تحصيل للحاصل. وأن يكون القضاء فكذلك أبدا وفيه تكليف ما لا يطيق.
ولعبد الجبار أن يقول الإتيان بالمأمور به على الوجه الذي أمر به امتثال للأمر لا محالة ولكن لا يعلم أن القضاء يسقط به أولا حيث لم يكن مستلزما له لما سيجئ. وعدم العلم بالسقوط لا يستلزم العدم في نفسه كما أنا لا نعلم أي عبادة وقعت معتدا بها عند الله - تعالى - وإنما تنكشف يوم القيامة.
واستدل القاضي ومتابعوه بأن الإتيان بالمأمور به على الوجه الذي أمر به لو كان مستلزما لسقوط القضاء لأثم المصلي بظن الطهارة أو سقط عنه القضاء إذا ثبت حدثه بعده لأنه إما أن يكون مأمورا بها مع يقين الطهارة أو مع ظنها فإن كان الأول أثم