وأما الحكم فيها فيحتاج إلى العقل كليا كان أو جزئيا عند من يقول: الحاكم هو العقل مطلقا، لأن الحس لا حكم له ظاهرا كان أو باطنا.
ومنها: الأوليات وهو ما يحصل بمجرد العقل لا يتوقف حكمه بها إلا على تصور طرفيها سواء كان تصور طرفيها جزئيا كعلمك، أي تصديقك بوجودك، أو كليا كتصديقك بأن النقيضين يصدق أحدهما لا يجتمعان ولا يرتفعان.
ومنها: المحسوسات، وهي القضايا التي يستفيد الإنسان التصديق بها من الحواس الظاهرة، كقولنا: الشمس مضيئة، والنار حارة.
ومنها: التجريبيات، وهي قضايا يحصل التصديق بها بالعادة، أي بتكرار المشاهدة على وجه يتأكد منها عقد قوى لا يشك فيه، وهي مع ذلك لا تخلو عن قياس خفي، وهو أن يعلم أن الوقوع المتكرر على نهج واحد لا يكون اتفاقيا، كحكمنا بإسهال المسهل، وإسكار المسكر.
ومنها: المتواترات، وهي قضايا يحصل الحكم فيها بالأخبار تواترا كحكمنا بوجود مكة، وبغداد فإن الأخبار المتواترة بكثرة الشهادة تسكن النفس (١٧/ب) سكونا تاما يزول معه الشك بحيث يحيل التواطاء على الكذب.