وفي تصحيح هذا النقل عن الحنفية نظر فإن المشهور عندهم أن عمل الراوي بخلاف الرواية بعدها يعد طعنا في روايته فلا يعمل بها " لأن ذلك تخصيص ".
واختار المصنف الأول. واحتج عليه بأن العام حجة ومذهب الصحابي ليس بحجة كما سنذكره فلا يكون مخصصا لما رواه.
واحتج المخصصون بأن مذهب الصحابي يستلزم دليلا ظاهرا " لا " مخالفة العموم من غير دليل فسق فيكون الدليل مخصصا للعام.
وأجاب بأن مذهبه يستلزم دليا في ظنه دفعا للفسق ولا يجوز لغيره متابعة ظنه.
وفيه نظر لأن مظنونه إما أن يكون راجعا إلى وجوه اللغة أو لا , فإن كان الأول فمذهبه لا يكون حجة على غيره لاختصاصهم بمعرفة الدلائل بمشاهدة أحوال التنزيل وصدور الأحاديث.
واحتجوا أيضا بأن مخالفته للعام لا بد وأن تكون لدليل قطعي لأنه لو كان ظنيا لبينه لينظر فيه والقطعي يخصص العام.
وأجاب عنه بالمعارضة بثلاثة أوجه:
الأول: لو كان الدليل قطعيا لبينه ليصير إليه غيره , ولو بينه لاشتهر كمذهبه.
ولقائل أن يقول لا نسلم أنه لو كان قطعيا لبينه لجواز أن يظن عدم الخفاء على غيره لأنه قطعي فلا يبينه. سلمناه ولكن لا نسلم أن البيان يستلزم الاشتهار إذ هو ليس من الحوادث العظيمة وشهرة مذهبه يجوز أن تكون اتفاقية فلا يستلزم شهرة الدليل.