والثاني: أن الدليل المذكور يوجب عدم جواز تخصيص الكتاب بالسنة لكونها أضعف وعدم جواز تخصيص الكتاب والسنة بالمفهوم لكون المفهوم أضعف منهما والملتزم أن يلتزم ذلك فلا يجوزه في الكتاب إلا بتقدم قطعي كما نقلنا عن أبي حنيفة.
والمصنف جعله مذهبا لعيسى بن أبان , ولا يجوزه في السنة إلا بترجيح وكذا في مفهوم الموافقة.
واستدل أيضا الجبائي على عدم جواز تخصيص العام بالقياس مطلقا بقصة معاذ فإنه أخر القياس عن الكتاب والسنة وصوبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلو كان القياس مخصصا للعام لقدمه عليهما.
وفيه نظر فإن الملازمة ممنوعة.
وأجاب بأن معاذا أخر السنة عن الكتاب وصوبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيكون الكتاب مقدما على السنة ولم يمنع ذلك عن الجمع بين عموم الكتاب وتخصيصه بالسنة إذا كانت خاصة فكذا تقديم الكتاب والسنة على القياس لا يمنع الجمع بين عمومها وتخصيصه بالقياس إذا كان خاصا.
ولقائل أن يقول إنما لم يمنع ذلك لإمكان أن تكون السنة قاطعة بخلاف القياس فإنه لا يكون قطعيا.
واستدل أيضا بأن دليل القياس هو الإجماع ولا إجماع على جواز القياس فيما إذا خالف القياس العموم لمخالفة الواقفية في جوازه إذ ذاك انتفى الدليل لا يكون حجة فلا يخص به لئلا يلزم ترك الحجة وهو العام بما ليس بحجة.
وأجاب بما تقريره أنا جوزنا التخصيص بالقياس على المختار إذا ثبت العلة بنص أو إجماع أو كان أصل القياس مخصصا بالنص وإذا كانت العلة مؤثرة أي ثابتة بنص أو إجماع ومحل التخصيص وهو أصل القياس مخصصا بالنص فهما يرجعان إلى النص , أما المؤثرة فإن العلة المنصوص عليها بمنزلة النص بلا خلاف , وأما أصل