للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ، وَامْتَنَعَ هُوَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ عِنْدَ الْقَاضِي مَغِيبَ الزَّوْجِ، وَأَنَّهُ لَمْ يُخَلِّفْ لَهَا شَيْئًا وَلَا أَرْسَلَ إلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَلَا رَجَعَ مِنْ غَيْبَتِهِ، ثُمَّ يَتَلَوَّمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَهْرَيْنِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ: وَلَا بُدَّ أَنْ يُثْبِتَ قِيَامَ الْأَبِ عَنْهَا بِتَوْكِيلِهَا إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ قِيَامٌ فِي ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلِهَا إيَّاهُ، إذْ لَهَا أَنْ تَتَرَبَّصَ عَلَى زَوْجِهَا وَتُنْظِرَهُ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا وَعَمَلِ يَدَيْهَا، وَالْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجَةِ لَا عَلَى الْأَبِ، فَإِذَا حَلَفَتْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، وَسَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا صِفَةُ يَمِينِهَا. وَأَفْتَى أَبُو عُمَرَ بْنُ رَشِيقٍ فَقِيهُ الْمَرِيَّةِ إذَا ثَبَتَ الْمَغِيبُ وَسَأَلَ النَّفَقَةَ عَلَى ابْنَتِهِ بِتَوْكِيلِهَا إيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَهَا النَّفَقَةُ، مِنْ حِينِ قَامَتْ، وَيَضْرِبُ السُّلْطَانُ أَجَلَ شَهْرَيْنِ، فَإِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ مَا تَرَكَ لَهَا نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً وَلَا شَيْئًا تُمَوِّنُ بِهِ نَفْسَهَا، وَلَا تَعْلَمُ لَهُ مَالًا تَرْجِعُ فِيهِ، وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ انْقَطَعَتْ بَيْنَهُمَا، وَتَثْبُتُ هَذِهِ الْيَمِينُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَيَكُونُ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَتَتَزَوَّجُ سَاعَتَئِذٍ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَبْنِ بِهَا.

مَسْأَلَةٌ: إذَا شَكَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا الضَّرَرَ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَأْمُرُهَا بِإِثْبَاتِ مَا ذَكَرَتْهُ، وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ادَّعَتْهُ بَعْدَ تَبْيِينِهَا الضَّرَرَ مَا هُوَ وَكَيْفَ هُوَ. فَلَعَلَّ الضَّرَرَ كَانَ عِنْدَهَا مَنْعَهَا مِنْ الْحَمَّامَاتِ، وَتَأْدِيبَهَا عَلَى تَعْطِيلِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا أَثْبَتَتْ ضَرَرًا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ بِهَا وُقِفَ عَلَيْهِ زَوْجُهَا، فَرُبَّمَا أَقَرَّ بِهِ فَأَسْقَطَ كُلْفَةَ الْإِثْبَاتِ عَنْهَا، وَإِنْ أَنْكَرَ دَعْوَاهَا أُمِرَتْ حِينَئِذٍ بِإِحْضَارِ بَيِّنَةٍ إنْ كَانَتْ مَعًا، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا كَشَفَ الْقَاضِي عَنْ أَمْرِهَا مِنْ جِيرَانِهَا إنْ كَانَ فِيهِمْ عُدُولٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عُدُولٌ أُمِرَ زَوْجُهَا أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَوْضِعٍ حَوْلَهُ الْجِيرَانُ الْعُدُولُ، فَإِنْ بَانَ لَهُ مِنْ ضَرَرِهَا مَا يُوجِبُ تَأْدِيبَ زَوْجِهَا عَلَيْهِ أَدَّبَهُ وَنَهَاهُ عَنْ الْعَوْدَةِ إلَى مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا شَرْطٌ فِي الضَّرَرِ أَبَاحَ لَهَا الْأَخْذَ بِهِ، وَإِنْ عَمَى عَلَيْهِ خَبَرُهَا وَرَأَى إسْكَانَهُمَا مَعَ ثِقَةٍ يَتَفَقَّدُ أَمْرَهُمَا أَوْ إسْكَانَ ثِقَةٍ مَعَهُمَا نَظَرَ فِي ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ، وَإِنَّمَا الْحُكْمَانِ إذَا اشْتَكَى الزَّوْجَانِ بَعْضُهُمَا بَعْضًا وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ يَضُرُّ بِهِ، وَانْتَفَى هُوَ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ تَشَكِّيهِمَا عَلَى الْحَاكِمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>