يُفِيتُهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، أَوْ يُخْرِجُهُ بِهِ عَنْ حَالِهِ كَالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُرْفَعَ يَدُهُ عَنْهُ.
الثَّانِي: بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فِي ذَلِكَ بِشَهَادَةٍ قَاطِعَةٍ وَيُحَازُ الرَّبْعُ عَلَى مَا يَجِبُ وَيَدَّعِي الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ مَدْفَعًا فِيمَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي فَيُضْرَبُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ الْآجَالُ، فَيُوقَفُ الْمُدَّعَى فِيهِ حِينَئِذٍ بِأَنْ تُرْفَعَ يَدُ الْأَوَّلِ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ دَارًا اُعْتُقِلَتْ بِالْقُفْلِ أَوْ أَرْضًا مُنِعَ مِنْ حَرْثِهَا أَوْ حَانُوتًا لَهُ خَرَاجٌ وُقِفَ الْخَرَاجُ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي حِصَّةٍ فَتُعْقَلُ جَمِيعُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَجَمِيعُ الْخَرَاجِ، وَقِيلَ يُعْقَلُ مِنْ الْخَرَاجِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُ الْحِصَّةَ الْمُدَّعَى فِيهَا، وَيُدْفَعُ بَاقِيهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِإِخْلَاءِ الدَّارِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَتَاعِهِ، وَيُؤَجَّلُ فِي إخْلَاءِ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا.
وَفِي الْمُقَرَّبِ: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ عِنْدِي أَوْلَى بِالصَّوَابِ هَذَا حُكْمُ الْمُدَّعَى فِيهِ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الْحَاضِرَةِ بَعَثَ الْحَاكِمُ أَمِينًا يَعْقِلُ ذَلِكَ، فَإِنْ سَأَلَ الْمَعْقُولُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ فِي الدَّارِ مَا ثَقُلَ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ أَجَابَهُ الْحَاكِمُ إلَى ذَلِكَ، وَبِهَذَا جَرَى عَمَلُ سَحْنُونٍ.
مَسْأَلَةٌ: وَاخْتُلِفَ فِي الْعَقْلَةِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ أَنَّ الْعَقْلَ يَجِبُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ بَطَّالٍ عَنْ لُبَابَةَ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ: لَا تَجِبُ الْعَقْلَةُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، لَكِنَّهُ يُمْنَعُ الْمَطْلُوبُ بِذَلِكَ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْعَقَارِ بُنْيَانًا أَوْ بَيْعًا غَيْرَهُ، وَيَتَقَدَّمُ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ بِالْقَوْلِ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ يَدِهِ.
مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا ضُرِبَ الْأَجَلُ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ أَتَى بِشَيْءٍ نُظِرَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ مَا ادَّعَى الطَّالِبُ حَقًّا، وَتُرِكَ الِاعْتِقَالُ عَنْ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَاكِمِ الَّذِي لَا يَقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَأَمَّا مَنْ يَقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، فَإِنَّهُ يُكَلِّفُ الطَّالِبَ شَاهِدًا ثَانِيًا، فَإِنْ أَعْيَاهُ أَحْلَفَهُ مَعَ شَاهِدِهِ وَقَضَى لَهُ بِيَمِينِهِ.
مَسْأَلَةٌ: فِي شَهَادَاتِ الْمُدَوَّنَةِ فِي رَجُلٍ حَفَرَ فِي أَرْضٍ بِيَدِهِ عَيْنًا، فَادَّعَى فِيهَا رَجُلٌ دَعْوًى، وَاخْتَصَمَا إلَى صَاحِبِ الْمِيَاهِ، فَأَوْقَفَهُمْ حَتَّى يَرْتَفِعُوا إلَى الْمَدِينَةِ، فَشَكَا حَافِرُ الْعَيْنِ إلَى مَالِكٍ فَقَالَ مَالِكٌ قَدْ أَحْسَنَ حِينَ أَوْقَفَهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute