للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ إذَا أَقَرَّ وَرَثَةٌ أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ حَبْسٌ عَلَيْهِمْ وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوهِ مَصَارِفِهِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لَزِمَهُمْ الْإِقْرَارُ فِي حِصَصِهِمْ، وَعَلَى الْمُنْكِرِ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُ أَنَّ الْمُحْبِسَ حَبَسَهُ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَيْسَ كَالْمُطْلَقِ، وَلَا يَمْلِكُ مِلْكَ الْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ مَصِيرِهِ إلَى الْأَعْقَابِ، وَالْمَرْجِعُ الَّذِي جَعَلَهُ الْمُحْبِسُ فَلَيْسَتْ يَمِينُ الْمُدَّعِي لِلْحَبْسِ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ بَلْ يَمِينُهُ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى الْأَعْقَابِ، وَالْمَرْجِعِ وَلَيْسَ يَحْلِفُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَوْ أَنَّهُ نَكَلَ إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ لَمْ يَبْطُلْ الْحَبْسُ بِنُكُولِهِ، فَهَذِهِ وُجُوهٌ تَمْنَعُ مِنْ رَدِّ الْيَمِينِ فِي الْحَبْسِ.

فَصْلٌ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ يَمِينَيْنِ

مَسْأَلَةٌ: فِي الْمَرْأَةِ تُثْبِتُ كَالِئَهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَلَمَّا وَجَبَتْ عَلَيْهَا يَمِينُ الِاسْتِبْرَاءِ طَلَبَتْ أَنْ تَكُونَ يَمِينُهَا فِي الْكَالِئِ وَفِي جَمِيعِ دَعَاوَى الْوَرَثَةِ أَنَّ عِنْدَهُمْ بَيِّنَةً عَلَى دَعَاوِيهِمْ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو إثْبَاتَ بَيِّنَتِهِمْ حَلَفَهَا عَلَى الْكَالِئِ وَحْدَهُ وَكَلَّفَهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا زَعَمُوا قَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنْ عَجَزُوا عَنْهَا حَلَفَتْ يَمِينًا أُخْرَى عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الدَّعْوَى.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْأَلُهُمْ الْقَاضِي عَنْ بَيِّنَتِهِمْ فَإِنْ ذَكَرُوا مَنْ يُرْجَى قَبُولُهُ نَظَرَ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ ذَكَرُوا مَنْ لَا يُرْجَى لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِهِمْ وَحَلَّفَهَا عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْإِضْرَارَ بِهَا.

وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ: جَمْعُ الدَّعَاوَى فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فِيهِ خِلَافٌ، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ جَمْعُ الدَّعَاوَى فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ إلَّا فِي يَمِينِ الرَّدِّ فَلَا تُجْمَعُ مَعَ غَيْرِهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فِي " مُفِيدِ الْحُكَّامِ " مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَجِبُ لَهُ أَيْضًا الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَرُدُّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَجْمَعُ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينَيْنِ مُفْتَرِقَتَيْنِ، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ شَيْخِهِ أَبِي الْمُطَرِّفِ، وَعَنْ الشُّيُوخِ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: هِيَ لِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ أَفْتَى الشُّيُوخُ عِنْدَنَا وَوَقَعَتْ فِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ وَفِي رَسْمِ الرُّهُونِ فِي الْعُتْبِيَّةِ نَحْوُ هَذَا فِي تَفْرِيقِ الْأَيْمَانِ فَانْظُرْهُ.

قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مُنَازَعَةٌ فِي بَيْتٍ وَكَانَتْ هِيَ بِنْتَ عَمِّهِ فَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ مَا لَهَا فِيهِ حَقٌّ فَجَاءَتْ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>