للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِجَدِّهَا وَجَاءَ الرَّجُلُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَحُوزُهُ دُونَ إخْوَتِهِ وَيَسْكُنَهُ، وَجَاءَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، فَشَهِدَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ قَدْ اسْتَخْلَصَهُ مِنْ إخْوَتِهِ. قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَرَى أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَمَا لَهَا فِيهِ حَقٌّ، وَأَنَّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ لَحَقٌّ وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَهَذِهِ مِنْ قَوْلِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي جَمْعِ أَشْيَاءَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ.

قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: وَجْهُ الصَّوَابِ أَنَّ الدَّعَاوَى وَإِنْ كَثُرَتْ فَتَجْمَعُهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ النَّاسُ قَدْ تَنَازَعُوا إذَا كَثُرَتْ الدَّعَاوَى، هَلْ يَجْمَعُهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ أَمْ لَا؟ وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ أَصْبَغَ تَفْرِيقَ الْأَيْمَانِ، وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ عَنْ مُطَرِّفٍ فِيمَنْ ادَّعَى دَابَّةً أَوْ عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا بِيَدِ رَجُلٍ لِابْنِهِ الْغَائِبِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ جَارِهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ وَالْحَبْسِ عَلَيْهِمْ وَكُلُّهُمْ غَائِبٌ، فَإِنَّ الْقَائِمَ فِي ذَلِكَ يُمَكَّنُ مِنْ إيقَاعِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهَا أَشْيَاءُ تَحُولُ وَتَفُوتُ، فَإِذَا أَتَى الْغَائِبُ وَقَدْ كَانَتْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ، وَحَلَفَ أَيْضًا أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ بِوَجْهِ حَقٍّ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ يَمِينَيْنِ، وَذَكَرُوا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُفَرَّقُ فِيهَا الْأَيْمَانُ عِدَّةَ مَسَائِلَ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الدَّارَ وَدَخَلَهَا وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ الدَّابَّةَ وَرَكِبَهَا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي أَصْلِ الشَّهَادَةِ، فَعَلَيْهِ يَمِينَانِ يَحْلِفُ أَنْ مَا رَكِبَ الدَّابَّةَ فَيَدْفَعُ عَنْهُ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا دَخَلَ الدَّارَ فَيَدْفَعُ عَنْهُ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ عَلَى دُخُولِهَا، مِنْ مُخْتَصَرِ " الْوَقَارِ الْكَبِيرِ "، وَإِذَا قُلْنَا بِتَفْرِيقِ الْأَيْمَانِ فَقَدْ يَحْلِفُ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ فِي طُرَرِ التَّهْذِيبِ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ قَالَ: إذَا قَامَ رَجُلٌ بِعَيْبٍ فِي سِلْعَةٍ وَاَلَّذِي بَاعَهَا غَائِبٌ وَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنَّهُ يُكَلِّفُهُ إثْبَاتَ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ: الِابْتِيَاعِ، وَنَقْدِ الثَّمَنِ، وَقَدْرِهِ، وَأَمَدِ التَّبَايُعِ، وَإِثْبَاتِ الْعَيْبِ الَّذِي يُوجِبُ الرَّدَّ وَهُوَ كُلُّ مَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ، وَأَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ، وَإِثْبَاتِ الْغَيْبَةِ بِحَيْثُ لَا يُعْلَمُ أَبَعِيدَةٌ أَمْ قَرِيبَةٌ، ثُمَّ يُكَلِّفُهُ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ: أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>