رَدِيءٍ، يُرَى أَنَّ كُلَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يُحَافَظُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ جُرْحَةً.
وَأَمَّا الرُّشْدُ: فَاخْتُلِفَ هَلْ مِنْ شَرْطِ الشَّاهِدِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا مَالِكًا لِأَمْرِ نَفْسِهِ؟ فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ شَهَادَةَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ جَائِزَةٌ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا عَنْهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَوْ طَلَبَ مَالَهُ أُعْطِيهِ، وَاخْتَارَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ قَالَ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْبِكْرِ فِي الْمَالِ حَتَّى تَعْنُسَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ.
وَأَمَّا الْيَقِظَةُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمِنْ شَرْطِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ الْيَقِظَةِ وَالتَّحَرُّزِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ التَّخْبِيلُ وَالتَّحَيُّلُ فَيَشْهَدُ بِالْبَاطِلِ.
الثَّانِي: فِي مَوَانِعِ الْقَبُولِ: وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَانِعٌ مُطْلَقًا وَمَانِعٌ عَلَى جِهَةٍ يَعْنِي أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَدَالَةِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ وَيَتَعَذَّرُ حَصْرُهُ وَلَكِنْ نَذْكُرُ مِنْهُ مَا يَتَيَسَّرُ فَمِنْهُ كُلُّ وَصْفٍ أَوْ فِعْلٍ مُضَادٍّ لِلْعَدَالَةِ أَوْ لِلْمُرُوءَةِ، أَوَّلُهَا: كَتَعَاطِي فِعْلِ الْفَاحِشَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنْ الْكَبَائِرِ، وَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً.
وَمِنْهُ أَنْ يَقْتَطِعَ شَيْئًا مِنْ مَحَجَّةِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ الْبَاجِيُّ فِي وَثَائِقِهِ: ذَلِكَ جُرْحَةٌ إنْ كَانَ اقْتِطَاعُهُ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَقَصْدٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضِيقُ وَلَا يَضُرُّ بِالْمَارِّينَ، وَظَاهِرُ قَوْلِ غَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ وَيَفْعَلَهُ عَنْ مَعْرِفَةٍ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَنَقْلِهِ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ وَاسِعَةً جِدًّا.
وَمِنْهُ: أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَ الْقَضَاءِ بِالنُّجُومِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: إنْ ادَّعَاهُ وَاشْتُهِرَ بِهِ وَأَكَلَ الْمَالَ بِهِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ، انْتَهَى مِنْ ابْنِ رَاشِدٍ، وَفِي فَتَاوَى ابْنِ رُشْدٍ: الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفًى، وَمِنْ جُمْلَتِهِ أَنَّ الْمُنَجِّمَ إذَا كَانَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مُقِرًّا بِأَنَّ النُّجُومَ وَاخْتِلَافَهَا فِي الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يَحْدُثُ فِي الْعَالَمِ، وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْفَاعِلُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، إلَّا أَنَّهُ جَعَلَهَا أَدِلَّةً عَلَى مَا يَفْعَلُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَحُكْمُ هَذَا أَنْ يُزْجَرَ عَنْ اعْتِقَادِهِ وَيُؤَدَّبَ عَلَيْهِ أَبَدًا. حَتَّى يَكُفَّ عَنْهُ وَيَرْجِعَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute