للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِقَادِهِ وَيَتُوبَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ يُجْرَحُ بِهَا، فَتَسْقُطُ إمَامَتُهُ وَشَهَادَتُهُ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْتَمِعَ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ تَصْدِيقُهُ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل: ٦٥] وقَوْله تَعَالَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن: ٢٦] {إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: ٢٧] وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ.

وَمِنْهُ: سَمَاعُ الْقِيَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الْعِيدَانِ وَحَضَرَهَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَبِيذٌ، إلَّا أَنْ يَحْضُرَهَا فِي عُرْسٍ أَوْ صَنِيعٍ فَلَا أَبْلُغُ بِهِ رَدَّ الشَّهَادَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَبِيذٌ، وَلَيْسَ الصَّنِيعُ كَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يُغَنِّي لَمْ أَرُدُّ بِذَلِكَ شَهَادَتَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدْمِنًا، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْمُغَنِّي وَالْمُغَنِّيَةِ إذَا عُرِفُوا بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ مَنْ يَغْشَى الْمُغَنِّينَ أَوْ يَغْشَوْنَهُ أَوْ أَكْثَرَ سَمَاعَ الْقِيَانِ. فَائِدَةٌ: فِي حُكْمِ السَّمَاعِ مِنْ الرِّحْلَةِ لِلْإِمَامِ الْخَطِيبِ الْعَلَّامَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَشِيدٍ، قَالَ: حَكَى الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ الْمُحَدِّثُ الصُّوفِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: سَأَلْت الشَّرِيفَ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْهَاشِمِيَّ عَنْ السَّمَاعِ فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ فِيهِ، غَيْرَ أَنِّي حَضَرْت بِدَارِ شَيْخِنَا أَبِي الْحَسَنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيِّ شَيْخِ الْحَنَابِلَةِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ فِي دَعْوَةٍ عَمِلَهَا لِأَصْحَابِهِ حَضَرَهَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ شَيْخُ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَبُو الْقَاسِمِ الدَّارَكِيُّ شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ شَيْخُ الطَّوَائِفِ وَإِمَامُ وَقْتِهِ، وَأَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ الْحُسَيْنِ شَيْخُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَمْعُونٍ شَيْخُ الْوُعَّاظِ وَالزُّهَّادِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُجَاهِدٍ شَيْخُ الْمُتَكَلِّمِينَ، فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَوْ سَقَطَ السَّقْفُ عَلَى هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْقَ بِالْعِرَاقِ أَحَدٌ يُفْتِي فِي نَازِلَةٍ يُشْبِهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَحَضَرَ مَعَهُمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ غُلَامُ بَابَا وَكَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِصَوْتٍ حَسَنٍ، وَرُبَّمَا قَالَ شَيْئًا فَقِيلَ لَهُ: قُلْ لَنَا شَيْئًا فَقَالَ وَهُمْ يَسْمَعُونَ:

خَطَّتْ أَنَامِلُهَا فِي بَطْنِ قِرْطَاسِ ... رِسَالَةً بِعَبِيرٍ لَا بِأَنْفَاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>