للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ زُرْ فَدَيْتُكَ لِي مِنْ غَيْرِ مُحْتَشَمٍ ... فَإِنَّ حُبَّكَ لِي قَدْ ضَاعَ فِي النَّاسِ

فَكَانَ قَوْلِي لِمَنْ أَدَّى رِسَالَتَهَا ... قِفِي لِأَمْشِيَ عَلَى الْعَيْنَيْنِ وَالرَّاسِ

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: فَبَعْدَ مَا رَأَيْت هَذَا لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُفْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا بِحَظْرٍ وَلَا إبَاحَةٍ. وَمِنْهُ النَّائِحَةُ إذَا عُرِفَتْ بِذَلِكَ.

وَمِنْهُ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ الَّذِي يَمْدَحُ مَنْ أَعْطَاهُ وَيَهْجُو مَنْ مَنَعَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَهْجُو مَنْ مَنَعَهُ وَلَا يُؤْذِي أَحَدًا بِلِسَانِهِ وَيَأْخُذُ مِمَّنْ أَعْطَاهُ، فَأَرَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَحَكَى ابْنُ رَاشِدٍ عَنْ زَرْبٍ: إنْ كَانَ الشَّاعِرُ يَكْذِبُ فِي شِعْرِهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ، قَالَ: وَأَمَّا: وَصْفُ الشَّاعِرِ النِّسَاءَ، أَوْ الْخَمْرَ، بِمَا يَجُوزُ لَهُ فَلَا يَقْدَحُ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَةِ الْأَحْوَذِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: لَا بَأْسَ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ فِي مَدْحِ الدِّينِ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ الْخَمْرُ مَمْدُوحَةً بِصِفَاتِهَا الْخَبِيثَةِ مِنْ طِيبِ رَائِحَةٍ وَحُسْنِ لَوْنٍ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا فِي قَصِيدَةِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ الَّتِي أَوَّلُهَا بَانَتْ سُعَادُ وَمِنْهُ عَصْرُ الْخَمْرِ وَبَيْعُهَا وَكِرَاءُ دَارِهِ مِمَّنْ يَبِيعُهَا.

وَمِنْهُ: بَيْعُ النَّرْدِ وَالْمَزَامِيرِ وَالطَّنَابِيرِ وَآلَاتِ اللَّهْوِ قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَمِنْهُ: أَنْ يُحَلِّفَ أَبَاهُ، قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: أَوْ جَدَّهُ أَوْ يُحَدَّ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: ذَلِكَ جُرْحَةٌ مَا لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ.

وَمِنْهُ: قَطْعُ السِّكَّةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ.

وَقَالَ عَنْهُ الْعُتْبِيُّ: لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَيْسَ قَطْعُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِجُرْحَةٍ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ عِنْدِي إنَّمَا هُوَ إذَا قَطَعَهَا وَهِيَ وَازِنَةٌ فَرَدَّهَا نَاقِصَةً، وَالْبَلَدُ لَا تَجُوزُ فِيهِ إلَّا وَازِنَةً وَهِيَ تَجْرِي فِيهِ عَدَدًا بِغَيْرِ وَزْنٍ فَانْتَفَعَ بِمَا قَطَعَ مِنْهَا وَيُنْفِقُهَا بِغَيْرِ وَزْنٍ، فَتَجْرِي مَجْرَى الْوَازِنَةِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ جُرْحَةٌ، وَلَوْ قَطَعَهَا وَكَانَ التَّبَايُعُ بِهَا بِالْمِيزَانِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ التَّبَايُعَ بِهَا لَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَإِنْ كَانَ عَالَمًا فَمَكْرُوهٌ وَذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْطَعَ الرَّجُلُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ حُلِيًّا لِبَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ، وَانْظُرْ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي رَسْمِ شَكَّ فِي طَوَافِهِ وَرَسْمِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءَيْنِ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ. وَيَجُوزُ مِنْهُ، وَمَا يُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>