اسْمِهِ خَاصَّةً دُونَ مَعْرِفَةِ اسْمِ أَبِيهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْرِيفِ وَالِاخْتِصَاصِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَزِيدَ اسْمَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ وَأَبْعَدُ لِمَا يُتَوَقَّى مِنْ اشْتِرَاكِ الْأَسْمَاءِ فِي الْمُسَمَّى وَأَبِيهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ عَرَفَ الِاسْمَ دُونَ الْعَيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ يَسْمَعُ بِرَجُلٍ مَشْهُورٍ لَمْ يَقِفْ عَلَى عَيْنِهِ فَقِيلَ لَهُ هَذَا فُلَانٌ، وَلَمْ يَتَقَرَّرْ عِنْدَهُ تَقَرُّرًا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِصِحَّتِهِ فَلَا يُقْدِمُ عَلَى تَقْيِيدِ الشَّهَادَةِ فِي الْمَعْرِفَةِ بِمُجَرَّدِ شُهْرَةِ الِاسْمِ عِنْدَهُ، فَكُلُّ ذَلِكَ غَلَطٌ وَتَدْلِيسٌ، وَالْوَهْمُ فِيهِ مُمْكِنٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَمْرِ جَمِيعًا فِي الِاسْمِ وَالْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ فَلَا يُشْهَدُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى اسْمِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: يَكْتُبُ اسْمَهُ وَقَرْيَتَهُ وَمَسْكَنَهُ وَيَجْتَزِئُ بِذَلِكَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ الْأَحْسَنُ أَنْ يَكْتُبَ نَعْتَهُ وَصِفَتَهُ وَيُشْهِدَ الشُّهُودَ عَلَى الصِّفَةِ حَيًّا أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ، قَالَ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ هُوَ التَّحْقِيقُ.
وَنَحْوُ ذَلِكَ: أَنْ يَتَرَدَّدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يَتَسَمَّى بِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَوْ يُخَالِطَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَلَا يَعْجَلُ بِالشَّهَادَةِ بِالْمَعْرِفَةِ، حَتَّى يَحْصُلَ مِنْ التَّرَدُّدِ وَاشْتِهَارِ عَيْنِهِ وَاسْمِهِ بِمَحْضَرِ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ وَتَوَاطُئِهِمْ عَلَيْهِ مَا يَقَعُ لَدَيْهِ الْمَعْرِفَةُ الَّتِي لَا يَشُكُّ فِيهَا، وَهَذَا بَابٌ كَبِيرٌ غَلَطَ فِيهِ الْجُمْهُورُ.
وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَأْتِيَهُ الرَّجُلَانِ لَا يَعْرِفُ إلَّا أَحَدَهُمَا فَيُشْهِدُهُ أَنِّي قَبَضْت مِنْ هَذَا وَيُشِيرُ إلَيْهِ وَلَا يَذْكُرُ اسْمَهُ حَقًّا لِي عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا أَوْ أَبْرَأْتُهُ أَوْ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ فِيهِ الْحَقُّ لِلْمَجْهُولِ عِنْدَهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْمُقِرُّ وَيُرِيدُ الْمَشْهُودُ لَهُ تَقْيِيدَ الشَّهَادَةِ فَيَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ التَّوَقُّفُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْرِفُ الْمَشْهُودَ لَهُ أَيْضًا، وَقَدْ كَانَ سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ بِمَحْضَرِ الْمُقِرِّ لَهُ فَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ لَهُ فِي غَيْبَةِ الْمُقِرِّ أَنَّ اسْمَهُ فُلَانٌ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا سَمَّى لَهُ غَيْرَ نَفْسِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ لِلْمُشْهِدِ الْغَائِبِ حَقٌّ كَثِيرٌ لِيُضَيِّعَهُ، أَوْ خِصَامٌ شَدِيدٌ لِيَقْطَعَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ الْغَائِبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute