للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي شُهُودٌ عُدُولٌ بِمَا يَعْلَمُ هُوَ خِلَافَهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمْ، وَلَا يَقْضِيَ بِشَهَادَتِهِمْ، وَيَدْفَعَ الْخَصْمَيْنِ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَكُونَ شَاهِدًا عِنْدَ مَنْ يَتَحَاكَمَانِ إلَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ، قَالَ ابْنُ الْفَخَّارِ: وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ عَلَى مَذْهَبِ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَّا ابْنَ كِنَانَةَ وَحْدَهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي كِتَابِهِ: إذَا شَهِدَ الْعُدُولُ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ، يَعْلَمُ الْقَاضِي أَنَّ الَّذِي شَهِدُوا بِهِ بَاطِلٌ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّ شَهَادَتِهِمْ وَيُنَفِّذُ شَهَادَتَهُمْ بَعْدَ الِانْتِظَارِ الْيَسِيرِ، وَاسْتُحْسِنَ لَوْ خَلَا بِهِمْ فَأَعْلَمَهُمْ بِعِلْمِهِ وَشَهَادَتِهِمْ، فَلَعَلَّهُ، يَنْكَشِفُ لَهُمْ بِقَوْلِهِ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلْيَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمْ، وَأَرَى أَنْ يُعْلِمَ الَّذِي حَكَمَ عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَهَادَةً. وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُبْطِلَ الشَّهَادَةَ وَلَا يَرُدَّهَا وَلَا أَنْ يُمْضِيَ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِبَاطِلٍ، وَيَرُدَّ مَا هُوَ بَاطِلٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُمْضِيَ بَاطِلًا يَعْلَمُهُ وَلَا يُبْطِلَ الشَّهَادَةَ وَلَكِنْ يَرْفَعُهَا إلَى غَيْرِهِ وَيَشْهَدُ الْقَاضِي بِمَا يَعْلَمُهُ فِي ذَلِكَ.

فَرْعٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عِنْدَهُ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَالْقَاضِي يَعْلَمُ أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الشَّهَادَةَ وَلَا يَحْكُمُ بِهَا.

مَسْأَلَةٌ: وَمِمَّا يَنْبَغِي تَنْبِيهُ الشَّاهِدِ فِيهِ إذَا شَهِدَ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ جَوَازَهُ فَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِيمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُ جَوَازَهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ سَأَلْت سَحْنُونًا عَنْ الرَّجُلِ تَكُونُ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَهِيَ مِمَّا لَا تَجُوزُ عِنْدَهُ وَالْقَاضِي مِمَّا يَرَى إجَازَتَهَا، أَتَرَى عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى الْقَاضِي؟ . فَقَالَ كَيْفَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؟ . قُلْت: مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى صَدَاقٍ مُعَجَّلٍ فِي نِكَاحٍ وَمَعَهُ مُؤَجَّلٌ لَمْ يُضْرَبْ لَهُ أَجَلٌ. فَقَالَ: مَا أَرَى أَنْ يَشْهَدَ فَإِنْ جَهِلَ الشَّاهِدُ وَشَهِدَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَبِّهَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي عَدْلَانِ ثُمَّ أَشْهَدَهُمَا عَلَى حُكْمِهِ بِشَهَادَتِهِمَا، فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لِغَيْرِهِ إمْضَاءَ شَهَادَتِهِمَا فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ وَقِيلَ لَا يُمْضِيهِ؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى تَنْفِيذِ شَهَادَتِهِمَا، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>